رؤوس وأقلام (1)

1

     "أشارت مصادر متابعة لـ"المركزية" إلى أنّ رئيس"اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط عدل عن قرار تلبية دعوة والدَي أمل علم الدين إلى مأدبة عشاء يقيمانها في لندن في اليومين المقبلين، في وقت كان رئيس "الحزب الديموقراطي" النائب طلال أرسلان غادر برفقة زوجته الأميرة زينة مساء أمس إلى لندن تلبية للدعوة، كما غادر النائب مروان حمادة برفقة زوجته صباح اليوم".

     الخبر أعلاه لا يأتي على ذكر مدعوّين لبنانيّين من غير طائفة الموحّدين الدروز، ما يعني أنّ أمل علم الدين التي تزوّجت مدنيًّا من رجل مسيحيّ، ما زالت ابنة طائفتها، ولو صار اسمها أمل كلوني (على مثال جاكلين كينيدي، لم لا؟). شخصيًّا، أحترم ذلك وأثني على صدق أصحاب الدعوة مع أنفسهم. لكن رجاء، حضرات المطبّلين والمزغردين في أعراسٍ لا عروس لكم فيها ولا عريس، لا تقولوا بعد اليوم إنّ العروس لبنانيّة ... ورفعت رأس لبنان عاليًا.

     نحن، أبناء طوائفنا، مهما طالت غربتنا... ما في أَمَل... ولا عَلَم ولا عِلم... ما في إلّا الدِّين!!!

 ***

2

     الفيسبوك حائطٌ وجدارٌ وسورٌ، ولن يكون جسرًا. أمّا الذين يعبرونه أو يعبرون فوقه فلهُم أجنحة نسور. ونقول مثل ذلك عن سائر وسائل التواصل الاجتماعيّ في بلادنا. وعلى هذا الحائط أو قربه، نجد مَن يكتب شعارات، ومن يعلّق صورة شهيد أو زعيم أو مطرب، ومن يرمي النفايات، ومن يقضي حاجته، ومن يختبئ من رصاص قنّاص... ورائع أن نجد من يحوّل الجدار جداريّة فنيّة ملأى بالتفاصيل والألوان.

     لا يمكن هذا الحائط - ولو كان افتراضيًّا - أن يكون على غير صورة حياتنا اليوميّة... الفرق، كلّ الفرق، في السرعة التي صات فيها الأمور تحصل: الإعجاب، والحبّ، والفراق، والنميمة، والشتيمة... سرعة لن تكون دائمًا في خدمة الكلمة والفنّ...

     قلوب كثيرة تحطّمت على حجارة هذا الحائط الأصمّ، ولن نستغرب أن تأتي أجيال لاحقة تدرس "الوقوف على أطلال" الفيسبوك والبكاء على غياب الأحبّة خلفه، بعدما غدرت المسافاتُ بعاشقين، أو فضحت الوقائعُ زيفَ وجهين، أو كشفت الأيّام أنّ علاقةً محكومةً بالتيّار الكهربائيّ وسرعة الإنترنت تموت عند أوّل عطل تقنيّ.

 ***

3

     لا أعرف كيف تخطر عل بالي أسئلة ساذجة، على الرغم من أنّ الذكاء لا ينقصني. مثلًا:

1- ماذا لو أجّرنا كرسي الرئاسة (المارونيّ) في بعبدا وكرسي البطريرك (المارونيّ) في بكركي، واستفدنا من أجرة الكرسيين لشراء أراض نوزّعها على الشبّان الموارنة فلا يهاجرون؟

2- إذا كان هدفُ الحجاب حماية العفّة والشرف من الرجال، فلماذا تضعه السحاقيّة والعجوز الشمطاء والمريضة المحتضَرة والطفلة العاجزة عن حماية نفسها؟ ولماذا لا يحجب الرجال أنظارَهم؟

3- لماذا لا أكون سعيدة وأنا محوطة بالأغبياء؟ أليس من المفروض أن أشعر بتميّزي عنهم ورِفعة شأني بينهم، عوضًا عن الأسى عليهم والحسرة على نفسي؟ لماذا بدل أن أضحك زهوًا أختنق قهرًا؟

 ***

4

     أنا ماري القصّيفي، ابنة الريحانيّة في جبل لبنان، اكتمل موتي بموت ريحانة الفارسيّة على يدّ الحكم الإيرانيّ... ولو كان في تلك البلاد رجال لما تركوا المرأة التي دافعت عن شرفها تُعدم... امرأة قبلها رُجمت على يد داعش لأنّها مارست الحبّ، وقبلها امرأة اغتُصبت، وقبلها امرأة سُبيت... ما الفرق بين السنيّ والشيعيّ والدرزيّ؟ لا أريد أن أعرف كما لم أرد أن أعرف ما الفرق بين المارونيّ والأرثوذكسيّ والبروتستنتيّ؟
     لم نعد نحتاج إلى فلاسفة ومفكّرين يعلنون موت الله أو إلى علماء يؤكّدون نهاية الدين... فالجرائم التي ترتكب باسم الله والدين قامت بالواجب وأكثر...

 ***

5

     أيّها الفعل! يا صديقي حين يغيب الأصدقاء، يا حبيبي حين يرحل العشّاق، يا قوّتي حين ينهار الأقوياء!
     أيّها الفعل! أيّها المرفوع فوق صليب الألم! يا حاملًا ماضيَّ وحافلًا بحاضري وحاضنًا غدي... وحدَك مكوّن الكلّ، ووحدَك سابقُ الكلّ، ووحدَك الكلُّ في الكلِّ... كلّ ما عداك انفعال... وحدَك الفعل اللازم... أمّا أنا فأقرّ وأعترف بأنّني الفاعلة... وحدي الفاعلة ولا أرضى لي شريكًا بك!