(من كتابي: نساء بلا أسماء - 2008 - دار مختارات)
استيقظ رجل يعيش في القرن الحادي والعشرين وهو يشعر بضجر شديد. حاول أن يفكّر لعلّه يجد سببًا لمشكلته، فأعياه التفكير. ثمّ قام بجردة حساب استعاد فيها ما فعله خلال اليوم الفائت، فلربّما كانت المشكلة في أنّه لا يحسن تنظيم وقته أو ملئه بما يناسب. فوجد أنّه يفعل ما يفعله كلّ الرجال من أمثاله: يستيقظ باكرًا، يستحمّ، يحلق ذقنه، يشرب القهوة، ينطلق إلى العمل، يعمل، يتناول غداءه، يتابع العمل، يعود إلى البيت، يرتاح قليلًا، يشاهد بعض البرامج التلفزيونيّة وهو يتناول طعامًا خفيفًا، ثمّ يخلد إلى نوم مضطرب.
من الطبيعيّ أن يضجر. عليه أن يفعل شيئًا، أن يدخل بعض التعديلات على هذا البرنامج الرتيب. وهذا ما حصل في اليوم التالي: استيقظ باكرًا، استحمّ، حلق ذقنه، شرب القهوة، انطلق إلى العمل، عمل، تناول غداءه، تابع العمل، وقبل أن يعود إلى البيت، اتصل بصديق قديم ودعاه لتناول فنجان قهوة، قبل الصديق الدعوة، شربا القهوة، استعادا أحاديث قديمة، افترقا على أمل لقاء جديد، عاد إلى البيت، استراح قليلًا، شاهد بعض البرامج التلفزيونيّة وهو يتناول طعامًا خفيفًا ثمّ خلد إلى النوم المضطرب.
في اليوم الثاني، قرّر أن يدخل تعديلًا آخر. استيقظ باكرًا، استحمّ، حلق ذقنه، شرب القهوة، انطلق إلى العمل، عمل، تناول غداءه، تابع العمل، وقبل أن يعود إلى البيت، ذهب إلى النادي الرياضيّ، اتّفق مع المدرّب على أيّام التمرين، عاد إلى البيت، استراح قليلًا، شاهد بعض البرامج التلفزيونيّة وهو يتناول طعامًا خفيفًا، ثمّ خلد إلى نوم مضطرب.
في اليوم الثالث، استيقظ باكرًا، استحمّ، حلق ذقنه، شرب القهوة، انطلق إلى العمل، عمل، تناول غداءه، تابع العمل، ذهب إلى النادي الرياضيّ، تمرّن، استحمّ، عاد إلى البيت، استراح قليلًا، شاهد بعض البرامج التلفزيونيّة وهو يتناول طعامًا خفيفًا، ثمّ خلد إلى نوم مضطرب.
في اليوم الرابع، استيقظ باكرًا، استحمّ، حلق ذقنه، شرب القهوة، انطلق إلى العمل، عمل، تناول غداءه، تابع العمل، ذهب إلى النادي الرياضيّ، تمرّن، استحمّ، ذهب إلى السينما، عاد إلى البيت، استراح قليلًا، شاهد بعض البرامج التلفزيونيّة وهو يتناول طعامًا خفيفًا، ثمّ خلد إلى نوم مضطرب.
في اليوم الخامس، استيقظ باكرًا، استحمّ، حلق ذقنه، شرب القهوة، انطلق إلى العمل، عمل، تناول غداءه، تابع العمل، ذهب إلى النادي الرياضيّ، تمرّن، استحمّ، ذهب إلى السينما، التقى صديقًا آخر، تناول معه العشاء الخفيف، عاد إلى البيت متأخّرًا، شاهد بعض البرامج التلفزيونيّة (غير التي كان يشاهدها في وقت أبكر)، ثمّ خلد إلى نوم مضطرب.
في اليوم السادس، استيقظ باكرًا، استحمّ، حلق ذقنه، شرب القهوة، انطلق إلى العمل، عمل، تناول غداءه، تابع العمل، ذهب إلى النادي الرياضيّ، تمرّن، استحمّ، ذهب إلى المرأة التي يمارس معها الجنس مرّة في الأسبوع، عاد إلى البيت، استحمّ، استراح قليلًا، شاهد بعض البرامج التلفزيونيّة وهو يتناول طعامًا خفيفًا، ثمّ خلد إلى نوم مضطرب.
في اليوم السابع، لم يستيقظ باكرًا، لم يستحمّ، لم يحلق ذقنه، شرب القهوة، لم ينطلق إلى العمل، لم يعمل، فكّر، فكّر كثيرًا في الأسبوع الذي مرّ، وفي الأسابيع التي ستمرّ، شاهد بعض البرامج التلفزيونيّة، تناول غداءه، حاول أن ياخذ قيلولة، لم ينجح، خرج من المنزل، ذهب إلى النادي، تمرّن، استحمّ، التقى بعض الأصدقاء، تحادثوا في موضوعات سبق أن تحادثوا فيها، شعر بالضجر، عاد إلى البيت، استحمّ، استراح قليلًا، شاهد بعض البرامج التلفزيونيّة وهو يتناول طعامًا خفيفًا، ثمّ خلد إلى نوم مضطرب.
في اليوم الثامن، ضجر من الاستيقاظ باكرًا، ضجر من الاستحمام، ضجر من حلاقة ذقنه، ضجر من العمل، ضجر من تناول الغداء، ضجر من الأصدقاء، ضجر من النادي، ضجر من السينما، ضجر من المرأة التي يمارس معها الجنس مرّة في الأسبوع، ضجر من البرامج التلفزيونيّة مع العشاء الخفيف، ضجر من النوم المضطرب.
صار عليه أن يختار أمرًا من ثلاثة: الانتحار أو الزواج وإنجاب الأولاد أو البحث عن قضيّة يبشّر بها.
***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق