قلوبنا السوداء ليست أكثر نظافة،
ضمائرنا المثقَلة ليست أكثر نقاء،
ألسنتنا النمّامة ليست أكثر طهرًا.
طائفيتنا المعشّشة في خلايانا ليست أقلّ ضررًا،
عنصريّتنا المتفاقمة ليست أقلّ أذيّة،
تعصّبنا المتنامي ليس أقلّ تلويثًا.
***
نفاياتنا - على الأقلّ - واضحة تحت عين الشمس، وفي عزّ نجوم الظهر...
وفي الليلة القمراء طبعًا!
زبالتنا، فخر صناعتنا الوطنيّة، لا تخدع، ولا تدعي ما
ليس فيها، ولا تتظاهر بما ليست عليه... والبعوض والذباب والجرذان والفئران
والأفاعي... تشهد! وكذلك شاشات التلفزة العالميّة وصحفها!
جرائم العنف، التنابذ العائليّ، التناتش المذهبيّ،
الصراعات الحزبيّة، الأخطاء التربويّة، الخطايا الطبيّة، فضائح رجال الدين،
ميليشيات أهل الثقافة، غرور الأجيال الجديدة... تبدو النفايات منتزهًا بديعًا أمامها!
الهواء الإعلاميّ، الذوق الفنيّ، الروح الرياضيّة
المعفّر جبينها، الأمومة المستقيلة، الأبوّة المؤجّلة، الأخوّة المصطنعة، الصداقة
المزيّفة، الزمالة المخادعة، الجيرة الجائرة، البنوّة الجاحدة، الرفقة الغادرة... تبدو النفايات
نتيجة طبيعيّة لها!
الصحف المأجورة، المكتبات الدكاكين، الشعراء المديونون
المدمنون، النقّاد المـُحابون، المعلّمون المتشاوفون، الموظّفون المرتشون،
المحامون المجرمون، القضاة الجبناء، العمّال الكسالى، المغتربون الغرباء، اللاجئون ناكرو المعروف... تبدو رائحة النفايات أمّام فسادها وفسادهم عطرًا منعشًا!
***
أكثر ما يجول في خواطرنا هو المكبّ غير الصحيّ!
وأكثر ما يعتمر في قلوبنا هو المطمر غير المطابق المواصفات
الإنسانيّة!
وأكثر ما تتفوّه به ألسنتنا وتخطّه أقلامنا هو ما يحتاج إلى
فرز!
وفي انتظار تحقُّق نظافتنا الداخليّة، ستبقى النفايات وجهنا الأنقى!