الأحد، 27 يوليو 2025

الى ريما عاصي الرحباني حارسة الهيكل (الجزء الثالث والأخير من ثلاثيّة رحيل زياد الرحباني)



الى ريما عاصي الرحباني حارسة الهيكل
لما عرفت بخبر موت زياد خطر ع بالي بطبيعة الحال فيروز اول شي، وعاصي الابن اللي تربى ببيت زياد، وريما حارسة الهيكل.
كتبت لفيروز ت تسامحو ع رحيلو
نشرت نص قديم عن عاصي التائه بين الهويات القاتلة
وهلأ عم بكتب لريما قبل ما إسكت بكرا، يوم توديع جسد زياد يللي أنهكو المرض.
ريما اليوم بوضع ما ممكن حدا عاقل يحسدا عليه. في متل شعبي لبناني بيقول: كل النادبات كذّابات ما عدا الإمّات والخيّات... كلنا زعلنا ع زياد ولكن ما حدا بيقدر يكون مطرح الإم والإخت.
ريما اليوم قدام مزيج من الحزن والغضب والمسؤوليات والواجبات، ومرّات بسأل حالي مين عم يتعكّز ع مين: فيروز ع ريما أو ريما ع فيروز.
اليوم ريما عم تصير مسؤولة عن أرث جديد ما اختارت تحملو. فعدا فيروز وعمرا وصحتا وصورتها بالإعلام وإرثها الفني، وعدا إرث عاصي ومشاكلها مع ولاد عمها، وعدا مسؤوليتها عن هلي ورعايتو الصحية، فل زياد وتركلها ورتة جديدة وهموم جديدة.
هالبنت البيقولو عنها مجنونة، أقل شي تجن
هالبنت البيقولو عنها قوية، أقل شي تجبر حالا تكون قوية
هالبنت، بنت عاصي وفيروز وإخت زياد، تركتا ليال وحدا تحمل هم الكل وما بعرف مين حامل همها.
ريما اليوم حارسة هيكل، هيي اليوم عطر الليل اللي حمّلوها السيف (إيّام فخر الدين)، هيي غربة اللي تركلا بيّا البوابة (جبال الصوّان)، هيي بياعة البندورة المحكوم عليا لأنا حكيت (الشخص)، هيي زاد الخير اللي عم تبكي ع ديك المي اللي راح مرة وما رجع وحاملة مفاتيح بيت أهلها وخيّها ومدفن العيلة (ناطورة المفاتيح)، هيي لولو السويعاتيّة اللي انحكمت ظلم وما حدا دافع عنا (لولو)، هيي هيفا القوية رفيقة جدها صديق المهربجية (يعيش يعيش)، هيي زيّون اللي إذا تعطّلت سيّارتها وتأخرت عن عرس بتصالح الناس وبتعمل عرس (ميس الريم)، هيي هالة اللي بتبيع وجوه ت تشتري لإختا فستان وزغير وشي لعبة لخيّا (هالة والملك)، وهيي ماريّا اللي دقّت ع الشباك وطل الورد ت يقول إنو اللي بدو يفل لازم يترك عطر بهالكون متل ما عمل عاصي وزياد (ناس من ورق)، هيي وردة يللي تعلّمت وعلّمت إنو الانتظار بيخلق محطّة وشوق السفر بيجيب التران (المحطّة)، وهيي قرنفل اللي نزلت ع عتمة البير ت تحمل الختم وتمشّي أمور (العيلة) والدولة ...
يمكن ريما اليوم هيي ملكة بترا الرافعة راسها بعنفوان ولو كان موت عاصي وزياد كسرلا ضهرا، ولو كان مرض هلي صليبها اليومي، ولو كان عمر فيروز عم يحضّرها كل يوم ليوم ما بدها يوصل... ولا بدنا يوصل.
هل كان عاصي عم يكتب ل فيروز أو ل ريما أو يمكن ل ليال؟ يمكن لمرا مندورة تحمي عبقريتو وعبقرية ابنو. كأنو كان عارف إنو المرا بمسرحو متل ستو إم عاصي قوية وقادرة تواجه أكتر من رجال العيلة. ومتل فيروز بتترك وجعها بالبيت وبتوقف ع المسرح توزّع حلم، أو متل ريما ما بتقبل بغير الحق والعدل.
ريما بدءا من بكرا، وبس تخلص مراسم الدفن، ولما يفلّوا المعزّين وتنطفي الكاميرات رح تبقى هيي وفيروز بعد ما ينام هلي... ويبكوا ع السكت.
ريما يا حارسة هيكل العبقرية، يا راهبة بدير الإبداع، يا مؤتمنة ع تراث بدو دولة ومؤسسات وما بيقدروا يعملو شغلك... بتمنالك تضلي محاطة بناس بيحبوكي، وبتوثقي فين، وبتقدري تبكي قدامن، ت تضلي قوية قدام فيروز.

All reactions:

السبت، 26 يوليو 2025

لو كان عاصي حنّا الرحباني حيًّا؟ (الجزء الثاني من ثلاثية رحيل زياد الرحباني)

دلال كرم طليقة زياد الرحباني مع ابنها عاصي وهلي الرحباني شقيق زياد من مقابلة أجراها يحيى جابر مع دلال




تمهيد: نشرت هذه المقالة سنة ٢٠٠٩. لا أهدف من إعادة نشرها حصد الاهتمام ولا إلهاء الرأي العام عن رحيل زياد. لكني، من خلالها، أوجّه العزاء لرجل اسمه عاصي الرحباني التزم الصمت في قضيّة نسبه، وأعلن الحداد باللون الأسود على صفحته حزنًا راقيًا على من عاش في كنفه عمرًا. ولا يمكن أن نتجاهل وجوده وإنسانيّته وسموّ أخلاقه. راسلت عاصي في تلك المرحلة وشاكسته بأبيات عتابا لتغيير جوّه، نسيها طبعًا. لكني بقيت أتسقّط أخباره من خلال صوره مع عائلته.
***
لو كان عاصي حنّا الرحباني حيًّا؟
الأحد ١ نوفمبر ٢٠٠٩
أنا لا أريد المزايدة على أولاد عاصي الرحباني في معرفته ومحبّته، فأنا قطعًا لا أعرف عاصي الرحباني الأب بل أعمال الفنّان التي كشفت لي خفايا أفكاره وخبايا نفسه وعن ذلك سأسمح لنفسي بالكتابة.
عاصي الرحباني الذي تبنّى "غربة" و"زاد الخير" و"عطر الليل" و"هالة" و"وردة" ونظر بعين المحبّة إلى "زبيدة" و"مخّول" و"سبع" و"الشاويش" و"مختار المخاتير" و"نفنافة"، ودافع عن المحرومين والمظلومين وخلّد "فخر الدين" و"بترا" و"بعلبك" و"مشغرة" و"وادي التيم"، عاصي الرحباني الذي جعل فيروز تغنّي لـ"ريما" كي تنام، وحشد في أعماله المسرحيّة والسينمائيّة والتلفزيونيّة والإذاعيّة آلاف الشخصيّات التي أظهرها في أكثر لحظاتها جمالاً وحنانًا وخفّف قدر المستطاع من سيّئات البعض منها، حتّى لكأنّ الشرّ غير موجود في عالمه، هذا "العاصي" لم يكن ليضيق صدره بشابّ ليس من صلبه ولا من عائلته ولكان تبنّاه وأعطاه اسمًا ومنحه دورًا وأسدل الستارة على مسرحيّة الأبوّة والبنوّة التي تتناقل وقائعها الصحف، غاضًا الطرف عن نتائج المختبر وقرار المحكمة.
لا شكّ في أنّ المجتمع العربيّ بات على علم بقضيّة إنكار النسب التي رفعها الفنّان زياد الرحباني مطالبًا بشطب اسم الشابّ عاصي الرحباني من سجّل العائلة لأنّ فحص الحمض النووي، بحسب أقوال زياد للصحافة، أثبت أنّ هذا الشاب ليس ابنه. ولعلّها القضيّة الأولى من نوعها التي تظهر إلى هذا الشكل العلنيّ في لبنان، وتتهم فيها سيّدة بإنجاب طفل من غير زوجها، وبسبب ذلك يطالب طليقها المحاكم وبعد أكثر من عشرين سنة باعتبار الابن الذي كان نتيجة هذا الزواج لا يمتّ بصلة نسب له.
وإذا كان من الطبيعيّ أن ينقسم الناس بين مؤيّد لزياد الرحباني المجروح في كرامته، ومتأسّف لوضع الابن ضحيّة هذا الزواج، ومتضامن مع الزوجة/الأمّ على اعتبار أنّ زوجها صاحب شخصيّة صعبة ولا يمكن العيش معه، فلا يعني ذلك أنّ الناس أنفسهم لم يتّفقوا على التساؤلات التالية: زياد محقّ في الدفاع عن عائلة الرحباني ووضع السدود أمام من يرغب في الانضمام إليها عن غير حقّ، مع العلم أنّ المحافظة على العائلة تصرّف غير متوقّع من زياد نفسه الذي كثيرًا ما سخر من آل الجميّل مؤسّسي حزب الكتائب بسبب وضعهم "العائلة" ضمن مثلّث الحزب بعد "الله والوطن".
ولكن ألم يشكّ في الأمر منذ ولادة الطفل الذي أعطاه اسم والده، وأخذ لهما صورة فوتوغرافيّة معًا؟ وهل أخفت الزوجة السيّدة "دلال" الأمر عن الجميع؟ وهل عاصي الابن كان على علم بحقيقة نسبه أم هو كان يشير إلى ذلك تلميحًا في أحاديثه الصحافيّة القليلة حين كان يعارض مقولة أنّ الفنّ وراثيّ، ويوضح أنّ موهبته في التصوير السينمائيّ لا علاقة لها بعائلة الرحباني؟ أنا شخصيًّا لا تعنيني معرفة الأجوبة عن هذه الأسئلة ولن يضيف اطّلاعي عليها إلى ثقافتي الرحبانيّة شيئًا مهمًا. ففي مجتمعاتنا الكثير من القضايا المحاطة بالسريّة والتكتم والتي لا نعرف شيئًا عن حقيقتها وإن عرفنا تمنّينا لو كنا لا نعرف.
ما يعنيني من قضيّة وصلت إلى الرأي العام هو أن يترك المجال للشابّ الذي يحمل اسم "عاصي الرحباني" كي يتصالح مع نفسه واسمه ونسبه فيتابع حياته بمعزل عن هذه القضيّة، وإذا كان الوالدان أرادا أن يأكلا الحصرم فهذا شأنهما، ولكن لا يحقّ لهما أن يطلبا من هذا الشابّ أن "يضرس" بسببهما. والصحافة مدعوة إلى احترام ذلك كي لا تساهم في تشويش حياة هذا الشابّ الذي لم يعرف الاستقرار حتّى اليوم.

 

سامحيه يا فيروز (الجزء الأوّل من ثلاثيّة رحيل زياد الرحباني)



الجزء الأوّل من ثلاثيّة رحيل زياد
سامحيه يا فيروز
مات زياد الرحباني ميتته التاسعة والأخيرة، بعد صراع مع الحياة، ناكثًا بوعده لفيروز بألّا يطعن أمومتها برحيله قبلها.
حين اكتشف عبقريّته مات ميتة أولى. فالعبقريّ يعرف أنّ بلادنا جاحدة وأنّ شعوبنا تريد عباقرة على قياس فهمها.
حين انتبه لإعاقة شقيقه هلي مات ميتة ثانية، إذ فهم أنّ الجسد سجن الروح، واستنتج أنّه مهما حاول بالموسيقى والكلمة أن يحلّق بعيدًا، فسيبقى الجسد مرساة ثقيلة.
حين رحل عاصي مات ميتته الثالثة إذ رأى بأمّ العين أين تدفن العبقريّة وكيف تقبل التعازي بالمبدعين على وقع قذائف الحرب.
حين انفجر دماغ ليال مات ميتة رابعة لأنّه فهم أنّ قدر عائلته مصلوب على خشبَتَي الإبداع والرحيل.
حين غدر به الحبّ والزواج مات ميتة خامسة إذ اكتشف أنّ الآخر سيبقى آخر ولن يقترب من فكره وعطائه.
حين طعنه ذوو القربى في الخاصرة التي توجعه أي فيروز مات ميتته السادسة، بعد أن تعلّم أنّ الفنّ شيء والأخلاق شيء آخر.
حين مات جوزف صقر مات ميتته السابعة إذ خسر برحيل هذا الفنّان صديقًا وصوتًا لا شبيه له. ونادرًا ما يجتمع هذان العنصران في شخص واحد.
وحين فقد الأمل بلبنان الفكر والثقافة والفنّ ومزّقت روحه أصوات النشاز مات ميتته الثامنة، قبل ان يستسلم اليوم لميتة تاسعة أخيرة.
***
سامحيه يا فيروز.
فأنت تعرفين أكثر من سواك أن ابنك منذور للرحيل، وأنّ حِمل العبقرية ثقيل. وإذا كان قد جاهد واحتمل وتحمّل وبقي حاملًا تبعاتها فمن إجلك. لكنّه اليوم ما عاد قادرًا على البقاء أكثر فسبقك إلى حيث عاصي وليال اللذين يستقبلانه الآن بفرح سماويّ ليس من طبيعة هذه الحياة.
العباقرة تعساء يا فيروز. وأنت شاهدة على ذلك. ولعلّ العمر الذي وهبك إيّاه زياد كان أطول ممّا توقّعت وأقصر ممّا كنت تتمنّين.
أشعر بسكينتك الآن على الرغم من سيف الألم. تقولين في نفسك: ها هو أخيرًا قد عرف الحبّ والراحة والرحمة، فلن يغدر به أحد بعد الآن، ولن تتعبه ملاحقات الصحافة ولن يخيّب أمله نسيب أو صديق.
أعرف أنّك كنت تتمنّين له زوجة وأولادًا. لكنّ تعرفينه، وتعرفين أن ما من امرأة ستفهمه مثلك، وأن الأولاد سيّظلمون بأبوّته لهم هو المسكون بالموسيقى والساكن فيها وإليها.
أعرف أنّك كنت تريدينه سندًا دائمًا لريما وهلي، لكنّك في عمق وجدانك كنت تحدسين بأنّ مملكته ليست من هذا العالم.
أورثتماه أنت وعاصي موهبة فذّة ونادرة فكيف تريدين منه أن يحتمل كونه "زياد" وابن "عاصي" وابن "فيروز"... ثلاثة صلبان من المعاناة والمجد على كتف واحدة. أليس هذا بكثير في عمر واحد.
سامحيه يا فيروز. ليس موت زياد هو الخبر المؤلم بل حياة زياد في هذا البلد هي الحكاية التي كتبها لنا بأصابع تئنّ من الوجع لننسى نحن وجعنا.

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.