من ثلاتين الحكاية لأربعين الغياب... عشر سنين صداقة معك يا جاد الحاج
ع صوت الشتي اللي تأخر السنة رح إمشي معك ع
طريق مليانة سيارات وخبّرك حكايتنا الزغيرة ت تكون كلماتا علامات تدلّك ع طريق
الرجعة...
خلينا نبلّش من اول الحكاية لما أنا كتبت بجريدة الحياة عن كتابك "تلاثون
حكاية".
حضرتك كنت تعرف إسمي وكتاباتي
من وقت كنت إنشر بجريدة النهار وبعدين بالحياة وبعتقد صار عندك حشرية ت تعرف مين
هيي ماري القصيفي. ولما انعمل ندوة بجبيل وحفل توقيع لهالكتاب طلبت مني شارك وقول
كلمة وأنا عادة بتهرّب من الحكي ع المنابر... وقلتلك وقتا شو بدي قول أكتر من يللي
كتبتو عن الكتاب، وجاوبتني ما بينخاف عليكي.
كنت أنا كمان حابة إتعرّف عليك قد ما كنت سامعة عنك وبعرف نصوصك
وخبارك، رحت وحكيت، ومن وقتها انكتبت حكاية صداقة بينكتب عنك وعنها ألف حكاية
وحكاية. ولما كنت عم تكتب روايتك مهرجان طلبت مني
عيد قراءة الفصول، وما كنت عارفة رح تذكر إسمي وتشكرني مع يللي كمان طلبت منن
يقروا روايتك قبل طباعتها مع إنو أنا اللي لازم إشكرك ع ثقتك فيي.
لما خلقت يا جاد نسيت إنو اللي بيخلقوا لازم يكونوا أطفال زغار. او
بالأصح انت ما نسيت ولكن تناسيت وصار بدك تكبر بسرعة. ولما كبرت صار بدك تنسى انك
كبرت وصرت تمشي وما توقف بلكي العمر ما بيقدر يلحقك. وصار بدك ترجع زغير وتبلّش
الحكاية عن اول وجديد.
بحياتك فيه أكتر من تلاتين حكاية: السفر، الكتابة، السينما/، المرا،
الحب، الحريّة/، البحر، المغامرة، التحدّي/ البنوة، الزواج، الأبوّة/، الأخوّة،
الصداقة، الزمالة/، الكاس، الضحك، الطفولة/ الأرض، الوطن، الغربة/ الأسئلة،
المشاغبة، الشجاعة/ الحزن، الوحدة، المرض/، الجنون، النسيان، الخوف/، الإيمان،
الخيبة، الانتظار/ العمر، التعب، الموت... الموت اللي كنت عم تمشي صوبو وتواجهو
حتى ما يغدر فيك.
يمكن حدا يقول هودي كلنا منمرق فين ومنفكّر فين. صحيح. ولكن أكترنا
بيمرقوا حدن، حد قسم منن، ولكن اللي بيمرقوا فين وبيروحوا ع آخرن هني اللي متل
جاد. واللي متل جاد قلال.
كيف تجمّعت فيك كل هالحيوات والمشاعر والمغامرات؟ كيف كان جسمك يلبّيك
ت تجرّب كل شي، وما تخلي بعينك شي؟ كيف عقلك بقي يشتغل وكل هالشياطين ساكنة فيه
وآخدة راحتا؟
لما تعرّفت عليك قلت لحالي: الله يساعد اللي عايشين معك. ما في ليل أو
نهار، ما في وقت محدّد لشي او لحدا، كنت عم تاكل الحياة أكل بس مش بنهم الفجعان،
ولكن بتذوّق الخبير بكل ملذات الحياة.. ومرارة طعمها مرّات. بدك تختبر كل شي قبل
ما تحكم وتقرر وتستمتع. بدك تعيش لأنو بالآخر بدك تموت. تموت؟
هلأ عن جد انت متت؟ بحس إنك كمان كنت عم تجرّب الموت ت تتعرّف عليه
وتكتب عنو.
ياريت الوضع هيك يا جاد وبترجع. ولكن هونيك شفت إمك وبيّك وخيّك وما
عاد في شياطين براسك ما تخليك تروق، هونيك رقت ونمت بحضن إمك، إمك المرا الوحيدة
اللي قبلتك متل ما انت، وبعد سنة ونص من موتا لحقتا.
اشتقتلك يا جاد. وقت كنت تغيب أشهر طويلة كنت قول: أكيد مبسوط مع شي
ست ع ذوقو، أو قاعد عم يكتب. وكنت انبسط لفكرة إنّك مبسوط.
اليوم كمان انت مبسوط مطرح ما إنت، بس أنا حزينة، وما بعرف كيف بدي
اتركك تفل ت تروح مع إمك وبيك وخيّك.
ليش ما كان بدك حدا يشوفك بمرضك وضياعك، كيف نسيت إنو كلنا مرضى وكلنا
ضايعين... وكلنا بدنا حضن نغفى فيه وكتف نبكي عليه وقلب نسمع دقات خوفو علينا وإيد
نمسكها نحنا وفالين... وانت حرمت كتار بيحبوك إنو يكونوا الحضن والكتف والقلب
والإيد... وأول ما شوفك مطرح ما صرت رح عاتبك وإشكيك لإمك وبيّك وخيّك.
بتذكر؟ بتذكر مرّة قلتلي تعي ت نسافر.. بعرف ما بتحبي السفر بس معي
السفر غير شي لأني بعرف لوين بدي آخدك، اسألي كل يللي سافروا معي شو رفقتي حلوة.
قلتلك شو إنت مجنون، هيك الواحد بيحمل حالو وبيسافر...عندي مية شغلة ومسؤولية، هيك
منسافر من دون تحضير وتخطيط، ولما بلّشت
تنفّخ إنو ضاق خلقك من هالأعذار ضحكت وقلتلك يا ريتني صباح كنت غنيتلك: بيكفيني
كون مع شاعر مجنون تمشي ما أعرف لوين وأنا إمشي معك...
وإنت مشيت وما عدت تعرف ترجع... وأنا بقيت مع غنيّة صباح وعاتب حالي:
لو رحت معو كنت دليتو ع طريق الرجعة ولكن ع الأكيد كنت تركتو يبقى شاعر مجنون وإلا
ما بيكون جاد الحاج
رح يضل الأدب اللبناني ناقصو مجنون متلك يحكي ويكتب... ويسكتوا كل
العاقلين اللي ساكنن الضجر.
رح ضل اشتقلك يا جاد... وهيدا شي برغم عنادك ومزاجك وخناقاتنا الما
بتخلص ما فيك تمنعني عنو.