الثورة بلبنان مش ممكن تنجح بشكل عام وشامل لأنو
بالآخر كل حدا عم يرجع لقطيعو، حتّى العلمانيين صاروا قطيع وكأنن طايفة جديدة
نازلة لبيط بغيرها، كرمال هيك لازم تكون الثورة موزّعة بشكل أفقيّ وعامودي، يعني
ثورات ضمن الطائفة الوحدة مثلًا، وثورات من الطبقة الفقيرة ضد الطبقة الغنية من
سياسيين ورجال دين ومصرفيين وموظّفين، لأني صرت شبه مقتنعة (عدا عن استثناءات قليلة)
إنو كلّ حدا عندو بيت فخم (مش بس قصر وفيلا) لازم ينسأل من إين لك هذا؟
بتظبط الثورة لمّا الشبّ بيسأل بيّو: بابا إنت موظّف بالدولة ومعاشك معروف، كيف عنّا فيلّا أربع طوابق وخدم وحشم وسيّارات ومدارس وجامعات راقية؟
بتظبط الثورة لمّا العسكري يسأل الضابط المسؤول عنّو: سِيْدنا! راتبك معروف كيف معها مرتك تشتري كلّ هالتياب والمجوهرات والسكربينات من أفخم المحلّات وبتعطيني كم قطعة قديمة من عندها لمرتي؟
بتظبط الثورة لمّا الملتزم بدينو بيسأل رئيس طايفتو: ليش إنت معك تاكل وتشرب وأنا ما معي؟
بتظبط الثورة لمّا ما منعود نشوف ع صفحات التواصل الاجتماعي صور البيوت الفخمة بمسابحها النضيفة والطاولات العامرة بالأكل، ولا نشوف المطاعم والشاليهات بالمصايف عاجقة بالناس يللي معن دولارات
بتظبط الثورة لمّا ما بيعود في بكعب كلّ بناية محلّ مانيكور وبيديكور ونتف شعر، وبيرجع في مكتبة لبيع الصحف والكتب والمجلّات،
بتظبط الثورة لمّا ما بيعود كعب إجريكن ع رمل الشطّ اللبنانيّ أنعم من لسانكن إنتو وعم تحكوا عن لبنان
بتظبط الثورة لمّا بتقرّروا شو هيي لغة بلدكن، ومين عدو بلدكن، ومين الخاين ومين الشهيد،
بتظبط الثورة لما بترجع الزراعة حاجة أساسيّة مش موضة، لأنو الزراعة بدها صبر وطولة بال وعناية وانتظار وارتباط وما فيها بخشيش، والموضة بتتغيّر كل شهرين تلاتة،
بتظبط الثورة لمّا يللي نازل يثور مش عم يحلم يصير زعيم أو نايب أو وزير، ولكن عم يشتغل ع السكت ت يوصّل الشخص المناسب للمطرح المناسب، لأنّو مش ضروري الثائر الناجح يكون قائد ناجح أو وزير ناجح...
بتظبط الثورة لما هيدا الثائر ما بيقتل كلب شارد، ولا بس يعصّب من حدا بيقلّو إنت معاق، ولمّا ما يعجبو حكي بنت بيشتمها بشرفها وشرف إمّها
بتظبط الثورة لمّا بيتلاقى رجّال بيرجّع ولادو ع حضن إمّن وما بيعاقبها بحرمانها منن لأنّها تركتو
بتظبط الثورة لمّا ما منعود نتمسخر ع يللي بيحكوا فرنسي غلط أو إنكليزي غلط (هيدا موضوع تاني رح إحكي عنو بعدين)، أو ع يللي بيستعملوا كيس النايلون تبع الخبز كيس زباله ت يوفّر ع البيئة وع جيبتو
بتظبط الثورة لمّا منعرف إنّو التضامن مع جورج فلويد ما رح يحلّ أزمة العالم ولا رح يخلّينا نصير شعب حضاري وراقي، لأنو من زمان فتاة النابالم كمان هزّت ضمير العالم (1972)، والطفل الصومالي يللي قاعد النسر ناطر موته ليلتهمو (1993)، وصورة استشهاد محمد الدرة (2000)، وصور التعذيب في سجن أبو غريب (2004)، وصورة نادية الإيزيدية يللي أغتصبها إرهابيّو داعش (2014) وصورة إيلان كردي يللي وجدوا جثته ع الشط لتركي(2015)، وصور الحروب كلها بما فيها مجلّدات الحرب اللبنانيّة يللي فيها ملايين الصور المرعبة عن المجازر، كلّ هودي الصور هزّوا ضمائر العالم كم يوم وبعدين نسيوا الناس هالصور وكمّلوا حياتن،... إلّا نحنا، مصرّين نضل متمسّكين بحكايات الثأر والموت ت نسجّل أعلى رقم بكتاب غينيس بعدد الضحايا والشهدا وما منقبل إلّا ننبش مدافن الماضي وأكترنا ما بيعرف غير عناوين عن يللي صار، بدءًا بمجزرة رهبان مار مارون (517) مرورًا بمجزرة كربلاء (680)، وصولًا إلى مجازر المماليك في شمال لبنان (1283)، ومجازر الجبل (1860) بين المسيحيين والدروز، وغيرها وغيرها من المجازر يللي صارت بعد 1975 وبتخلّينا نفكّر مليون مرّة قبل ما نكتب تاريخ لبنان (غير الحضاري والفنيّ) يللي كلّو دم وحقد.
كرمال هيك وقبل ما نعمل ثورة عامة شاملة، يمكن لازم نعمل ثورة ع حالنا، ع أفكارنا البالية، ع رأينا بالطايفة التانية، ع برامج التمسخر ع التلفزيونات، ع نشرات الأخبار وبرامج السياسة، ع الأحزاب يللي منتمي إلها ت نغيّرها من جوّا، ع شوفة حالنا وشعاراتنا الغبيّة (شعب بيحبّ الحياة، المرأة اللبنانيّة سيّدة الأناقة...) ع كنائسنا وجوامعنا وخلواتنا، ع تقديس الشعرا والكتّاب، ع نظامنا التربويّ الفاشل، ع مدارسنا الخاصة يللي انهارت عند أول أزمة وبعدين منبقى نحلم بالثورة
#ماري_القصّيفي
#في_انتظار_الثورة
بتظبط الثورة لمّا الشبّ بيسأل بيّو: بابا إنت موظّف بالدولة ومعاشك معروف، كيف عنّا فيلّا أربع طوابق وخدم وحشم وسيّارات ومدارس وجامعات راقية؟
بتظبط الثورة لمّا العسكري يسأل الضابط المسؤول عنّو: سِيْدنا! راتبك معروف كيف معها مرتك تشتري كلّ هالتياب والمجوهرات والسكربينات من أفخم المحلّات وبتعطيني كم قطعة قديمة من عندها لمرتي؟
بتظبط الثورة لمّا الملتزم بدينو بيسأل رئيس طايفتو: ليش إنت معك تاكل وتشرب وأنا ما معي؟
بتظبط الثورة لمّا ما منعود نشوف ع صفحات التواصل الاجتماعي صور البيوت الفخمة بمسابحها النضيفة والطاولات العامرة بالأكل، ولا نشوف المطاعم والشاليهات بالمصايف عاجقة بالناس يللي معن دولارات
بتظبط الثورة لمّا ما بيعود في بكعب كلّ بناية محلّ مانيكور وبيديكور ونتف شعر، وبيرجع في مكتبة لبيع الصحف والكتب والمجلّات،
بتظبط الثورة لمّا ما بيعود كعب إجريكن ع رمل الشطّ اللبنانيّ أنعم من لسانكن إنتو وعم تحكوا عن لبنان
بتظبط الثورة لمّا بتقرّروا شو هيي لغة بلدكن، ومين عدو بلدكن، ومين الخاين ومين الشهيد،
بتظبط الثورة لما بترجع الزراعة حاجة أساسيّة مش موضة، لأنو الزراعة بدها صبر وطولة بال وعناية وانتظار وارتباط وما فيها بخشيش، والموضة بتتغيّر كل شهرين تلاتة،
بتظبط الثورة لمّا يللي نازل يثور مش عم يحلم يصير زعيم أو نايب أو وزير، ولكن عم يشتغل ع السكت ت يوصّل الشخص المناسب للمطرح المناسب، لأنّو مش ضروري الثائر الناجح يكون قائد ناجح أو وزير ناجح...
بتظبط الثورة لما هيدا الثائر ما بيقتل كلب شارد، ولا بس يعصّب من حدا بيقلّو إنت معاق، ولمّا ما يعجبو حكي بنت بيشتمها بشرفها وشرف إمّها
بتظبط الثورة لمّا بيتلاقى رجّال بيرجّع ولادو ع حضن إمّن وما بيعاقبها بحرمانها منن لأنّها تركتو
بتظبط الثورة لمّا ما منعود نتمسخر ع يللي بيحكوا فرنسي غلط أو إنكليزي غلط (هيدا موضوع تاني رح إحكي عنو بعدين)، أو ع يللي بيستعملوا كيس النايلون تبع الخبز كيس زباله ت يوفّر ع البيئة وع جيبتو
بتظبط الثورة لمّا منعرف إنّو التضامن مع جورج فلويد ما رح يحلّ أزمة العالم ولا رح يخلّينا نصير شعب حضاري وراقي، لأنو من زمان فتاة النابالم كمان هزّت ضمير العالم (1972)، والطفل الصومالي يللي قاعد النسر ناطر موته ليلتهمو (1993)، وصورة استشهاد محمد الدرة (2000)، وصور التعذيب في سجن أبو غريب (2004)، وصورة نادية الإيزيدية يللي أغتصبها إرهابيّو داعش (2014) وصورة إيلان كردي يللي وجدوا جثته ع الشط لتركي(2015)، وصور الحروب كلها بما فيها مجلّدات الحرب اللبنانيّة يللي فيها ملايين الصور المرعبة عن المجازر، كلّ هودي الصور هزّوا ضمائر العالم كم يوم وبعدين نسيوا الناس هالصور وكمّلوا حياتن،... إلّا نحنا، مصرّين نضل متمسّكين بحكايات الثأر والموت ت نسجّل أعلى رقم بكتاب غينيس بعدد الضحايا والشهدا وما منقبل إلّا ننبش مدافن الماضي وأكترنا ما بيعرف غير عناوين عن يللي صار، بدءًا بمجزرة رهبان مار مارون (517) مرورًا بمجزرة كربلاء (680)، وصولًا إلى مجازر المماليك في شمال لبنان (1283)، ومجازر الجبل (1860) بين المسيحيين والدروز، وغيرها وغيرها من المجازر يللي صارت بعد 1975 وبتخلّينا نفكّر مليون مرّة قبل ما نكتب تاريخ لبنان (غير الحضاري والفنيّ) يللي كلّو دم وحقد.
كرمال هيك وقبل ما نعمل ثورة عامة شاملة، يمكن لازم نعمل ثورة ع حالنا، ع أفكارنا البالية، ع رأينا بالطايفة التانية، ع برامج التمسخر ع التلفزيونات، ع نشرات الأخبار وبرامج السياسة، ع الأحزاب يللي منتمي إلها ت نغيّرها من جوّا، ع شوفة حالنا وشعاراتنا الغبيّة (شعب بيحبّ الحياة، المرأة اللبنانيّة سيّدة الأناقة...) ع كنائسنا وجوامعنا وخلواتنا، ع تقديس الشعرا والكتّاب، ع نظامنا التربويّ الفاشل، ع مدارسنا الخاصة يللي انهارت عند أول أزمة وبعدين منبقى نحلم بالثورة
#ماري_القصّيفي
#في_انتظار_الثورة