بلى،
أنا أيضًا معارضة ورافضة وثائرة.
أنا
أعارض الفوضى والغوغائيّة وانعدام الرؤية،
وأرفض
لغة الشارع والخطابات الهوجاء وإثارة الغرائز،
وأثور
على الادّعاء والكذب والخبث،
أنا
أعارض الكسل والاتّكاليّة والتراخي،
وأرفض
حرمان المرء من أبسط حقوقه، والتعدّي عليه بالكلمة والنظرة واللمسة،
وأثور
على المنادين بالمثَلَين القائلَين: الفاجر بياكل مال التاجر، والشاطر بشطارتو،
أنا
أعارض الوقاحة والدعارة والفحش،
وأرفض
حديث العاهرات في التربية والأخلاق، وكلام السياسيّين في نظافة الكفّ، وعظات رجال
الدين عن الصبر والحرمان،
وأثور
على سارقي الأفكار، ومغتصبي المناصب، ومستغلّي السلطة،
أنا
أعارض التغيّب عن العمل تكاسلًا وتمارضًا،
وأرفض
غياب الثواب والعقاب،
وأثور
عندما يموت الضمير المهنيّ،
أنا
أعارض أن تبثّ الشاشات كلّ شيء بحجّة إرضاء كلّ الأذواق، وأرفض أن يتساوى الغثّ
والسمين،
وأثور
عندما يموت فنّان جائعًا ومريضًا ومحرومًا من أبسط حقوقه كإنسان مبدع،
أنا
أعارض الاحتلال والاعتداء على السيادة،
وأرفض
غياب التخطيط،
وأثور
عندما يذهب "الشبعان" ويأتي "الجوعان"،
بلى،
أنا معارضة ورافضة وثائرة... وخائفة.
أخاف
من موجات التفاؤل التي أراها حولي، وأخشى الأحلام والوعود، وأموت رعبًا من احتمال
التغيير لأنّه قد يكون نحو الأسوأ.
وأخاف
من الشعارات الكبيرة لأنّها تشبه موجات التسونامي السيّئة الذكر، تجرف معها كلّ
شيء، ولا تنفع أمامها سدود الفكر أو حدود المنطق.