2015
مشاكسة:
يمكن ترقّق العضم بيجي من النطرة ت يرقّ قلب الحبيب
يمكن ترقّق العضم بيجي من النطرة ت يرقّ قلب الحبيب
***
الذباب
"في المدينة التي لا حياة فيها، لم أكن أسمع إلاّ
صوت الذباب وهو يحوّم فوق الجثث". بهذه العبارة يصف أحد الناجين من هيروشيما
ما علق في ذاكرته بعد القنبلة الذريّة التي وضعت حدًّا للحرب العالميّة الثانية،
وسمحت للولايات المتحدة بالانتصار على اليابان وفرض شروط عسكريّة قاسية عليها.
*****
كيف نجا الذباب من آثار قنبلة لم تترك خلفها إلاّ الموت والفناء على امتداد سنوات كثيرة بعد إلقائها؟ ولماذا لم ينج في المقابل من بقي حيًّا من غضب الناس كأنّ هؤلاء الناجين ارتكبوا إثم البقاء على قيد الحياة ولو مشوّهين تشويهًا كاملاً وملوّثين بالإشعاعات؟ لم يطرح أحد قضيّة الذباب الذي تحدّى القنبلة الذريّة الأولى في العالم وبقي حرًّا طليقًا يحوم فوق الجثث، في حين أثار الناجون موجة عارمة من الاستياء لأنّ بقاءهم مشوّهين ومرضى وملوّثين شاهدٌ على تفعله الحروب وبما ينتج عن عبقريّة الإنسان في مجال صناعة الموت. ولكنّ الناجين هم أيضًا كانوا يفضّلون الموت ويتمنّى كثر منهم لو قضوا مع آلاف الناس الذين أذابتهم النيران. قد يكون موقفهم هذا ناتجًا عن شعور بالذنب أو بسبب المعاناة من الإشعاعات والحروق أو من التشوّهات التي نقلوها إلى أبنائهم وأحفادهم، أو الاشمئزاز من حياة فيها هذه الكميّة من الحقد والبشاعة والأمراض، أو لأنّهم أصيبوا بخيبة أمل من تصرّفات الحكومات والشعوب مع مصائبهم وآلامهم. إلاّ أنّهم ومهما اختلفت الأسباب يشعرون بالأسى لأنّهم شهود موتى وشهداء أحياء.
*****
الشعوب التي ذاقت بلادها الحروب خبرت جيّدًا تلك المشاعر، فالمهجّرون والأسرى والمعاقون والأرامل والأيتام أعباء تحتاج الحكومات سنوات طويلة من العمل كي تقفل ملفّاتهم ما قد يعيق حركة التقدّم والازدهار واستعادة الحياة مجراها الطبيعيّ. الذباب وحده لا ملفّ له ولا دراسات عن أعداده وضحاياه وأنواعه وأسباب بقائه ونتائج ذلك ومدلولاته. الذباب لا يزعج الحكومات ولا يزعج الجثث، لا بل إنّ الأحياء يجدون في طنينه حياةً ما في أرض كان من المفروض ألاّ تبقى أيُّ حياة فيها لكي يكون الانتصار كاملاً، والهزيمة نهائيّة.
*****
التعامل مع الموتى أسهل في العمل الإداريّ من التعامل مع الناجين، فهم يدفنون في مكان واحد، ويقام على شرفهم احتفال واحد، ويختم ملّفهم مرّة واحدة ونهائيّة. أمّا الناجون فقبور مفتوحة لا أحد يريد الإقامة قربها، وجروح مفتوحة لا أحد يرغب في أن يحملها في جسمه أو ذاكرته، وملفّات مفتوحة لا تترك مجالاً للنسيان.
*****
الرجل المشوّه العجوز الذي تحدّث عن الذباب في الفيلم الوثائقيّ كان طفلاً حين أحاطته القنبلة بنيرانها المذيبة وتسلّلت إشعاعاتها إلى خلاياه، وصوت الذباب هو ما رافقه طيلة حياة المعاناة التي عاشها. فهل كان يتخيّل نفسه ذبابة خلال كلّ تلك الأعوام، لذلك بدا أنينه أشبه بالطنين فأزعج الناس الذين كانوا يريدون أن ينسوا الحرب والحكومةَ التي تريد أن تبتلع الهزيمة؟
*****
هل يختلف الكلام عن الموتى والناجين والذباب في اليابان عمّا قد نكتبه عن مثل ذلك في لبنان وفلسطين والعراق والجزائر والسودان؟ بالطبع لا. ولكن السؤال الأهمّ هو هل تستطيع حكومات هذه الدول أن تصل إلى ما وصلت إليه اليابان في سلّم الحضارة والتمدّن ورفاهيّة العيش؟ بالتأكيد لا. لأنّنا في الوقت الحاضر لا نجيد إلاّ "كشّ الدبّان".
*****
كيف نجا الذباب من آثار قنبلة لم تترك خلفها إلاّ الموت والفناء على امتداد سنوات كثيرة بعد إلقائها؟ ولماذا لم ينج في المقابل من بقي حيًّا من غضب الناس كأنّ هؤلاء الناجين ارتكبوا إثم البقاء على قيد الحياة ولو مشوّهين تشويهًا كاملاً وملوّثين بالإشعاعات؟ لم يطرح أحد قضيّة الذباب الذي تحدّى القنبلة الذريّة الأولى في العالم وبقي حرًّا طليقًا يحوم فوق الجثث، في حين أثار الناجون موجة عارمة من الاستياء لأنّ بقاءهم مشوّهين ومرضى وملوّثين شاهدٌ على تفعله الحروب وبما ينتج عن عبقريّة الإنسان في مجال صناعة الموت. ولكنّ الناجين هم أيضًا كانوا يفضّلون الموت ويتمنّى كثر منهم لو قضوا مع آلاف الناس الذين أذابتهم النيران. قد يكون موقفهم هذا ناتجًا عن شعور بالذنب أو بسبب المعاناة من الإشعاعات والحروق أو من التشوّهات التي نقلوها إلى أبنائهم وأحفادهم، أو الاشمئزاز من حياة فيها هذه الكميّة من الحقد والبشاعة والأمراض، أو لأنّهم أصيبوا بخيبة أمل من تصرّفات الحكومات والشعوب مع مصائبهم وآلامهم. إلاّ أنّهم ومهما اختلفت الأسباب يشعرون بالأسى لأنّهم شهود موتى وشهداء أحياء.
*****
الشعوب التي ذاقت بلادها الحروب خبرت جيّدًا تلك المشاعر، فالمهجّرون والأسرى والمعاقون والأرامل والأيتام أعباء تحتاج الحكومات سنوات طويلة من العمل كي تقفل ملفّاتهم ما قد يعيق حركة التقدّم والازدهار واستعادة الحياة مجراها الطبيعيّ. الذباب وحده لا ملفّ له ولا دراسات عن أعداده وضحاياه وأنواعه وأسباب بقائه ونتائج ذلك ومدلولاته. الذباب لا يزعج الحكومات ولا يزعج الجثث، لا بل إنّ الأحياء يجدون في طنينه حياةً ما في أرض كان من المفروض ألاّ تبقى أيُّ حياة فيها لكي يكون الانتصار كاملاً، والهزيمة نهائيّة.
*****
التعامل مع الموتى أسهل في العمل الإداريّ من التعامل مع الناجين، فهم يدفنون في مكان واحد، ويقام على شرفهم احتفال واحد، ويختم ملّفهم مرّة واحدة ونهائيّة. أمّا الناجون فقبور مفتوحة لا أحد يريد الإقامة قربها، وجروح مفتوحة لا أحد يرغب في أن يحملها في جسمه أو ذاكرته، وملفّات مفتوحة لا تترك مجالاً للنسيان.
*****
الرجل المشوّه العجوز الذي تحدّث عن الذباب في الفيلم الوثائقيّ كان طفلاً حين أحاطته القنبلة بنيرانها المذيبة وتسلّلت إشعاعاتها إلى خلاياه، وصوت الذباب هو ما رافقه طيلة حياة المعاناة التي عاشها. فهل كان يتخيّل نفسه ذبابة خلال كلّ تلك الأعوام، لذلك بدا أنينه أشبه بالطنين فأزعج الناس الذين كانوا يريدون أن ينسوا الحرب والحكومةَ التي تريد أن تبتلع الهزيمة؟
*****
هل يختلف الكلام عن الموتى والناجين والذباب في اليابان عمّا قد نكتبه عن مثل ذلك في لبنان وفلسطين والعراق والجزائر والسودان؟ بالطبع لا. ولكن السؤال الأهمّ هو هل تستطيع حكومات هذه الدول أن تصل إلى ما وصلت إليه اليابان في سلّم الحضارة والتمدّن ورفاهيّة العيش؟ بالتأكيد لا. لأنّنا في الوقت الحاضر لا نجيد إلاّ "كشّ الدبّان".
2014
رسالة
مش لحدا معيّن:
يا حبيبي!!! أنا بسّ حبّك، ما بكون عم حبّك بسّ/ بكون عم قاوم إسرائيل وداعش المسلم والمسيحيّ وأعداء البيئة والوحوش البشريّة والزعما والتاريخ والجغرافية/ وبس يطلع خلقي عليك بيكون لأني شايفة فيك قدرة وشجاعة إنت مش شايفن بحالك/ ولأنّي ما بقبل كون عارفة شو بدّي من الحياة ومنّك، وإنت بعدك عم تدرسلي شخصيتي وتحطّلي لايك...
يا روحي!!! الحبّ فعل مش انفعال وبيت القصيد مش القصيدة والتراب مش الزهرة والسما مش الغيمة/ ويا حبيبي ما في شي إسمو بحبّك كتير وشوي وقبل الضهر وبعد الضهر وبس إفضا/ يا حبيبي الحبّ دوام كامل ودوام إضافيّ كمان... والحبّ ارتباط مش رباط، والتزام مش إلزام، وضحكة مش دمعة، وحركة كلّا بركة مش تأمّل وتحليل...
يا حياتي!!! العجقة بالعرس حلوة بس بالحبّ ما في إلّا اتنين سايعين الكلّ ومش سايعتن الدني/ والغزل حلو بس بيدوب بالشوب وبيجمد بالرد، ولكن الحبّ مغزال بإيد الدني ت ما تبرد قلوب الناس
يا قلبي!!! لو كلمة بحبّك بتجيب ولاد كان صار عندي أكبر طايفة بالبلد وأكبر حزب بالمنطقة، قد ما صرت سامعتها، بس أنا بنت الكلمة، الكلمة الشجاعة يللي صارت جسد، والجسد يللي هوّي طريق، والطريق يللي بتمرق حدّ القبر الفاضي وبتكمّل ع السما... وإذا بدّك تضلّ كلمة ما بقا تحكي معي ولا كلمة...
يا تقبر غيري!!! وحياتك مش ناقصني حكي، بحكي قدّ قاضي معزول... وفيي إكتب لحالي قصايد حلوة كمان...
يا حبيبي كلّ القصّة سؤال: إنت عارف شو بدّك منّي؟؟؟
يا حبيبي!!! أنا بسّ حبّك، ما بكون عم حبّك بسّ/ بكون عم قاوم إسرائيل وداعش المسلم والمسيحيّ وأعداء البيئة والوحوش البشريّة والزعما والتاريخ والجغرافية/ وبس يطلع خلقي عليك بيكون لأني شايفة فيك قدرة وشجاعة إنت مش شايفن بحالك/ ولأنّي ما بقبل كون عارفة شو بدّي من الحياة ومنّك، وإنت بعدك عم تدرسلي شخصيتي وتحطّلي لايك...
يا روحي!!! الحبّ فعل مش انفعال وبيت القصيد مش القصيدة والتراب مش الزهرة والسما مش الغيمة/ ويا حبيبي ما في شي إسمو بحبّك كتير وشوي وقبل الضهر وبعد الضهر وبس إفضا/ يا حبيبي الحبّ دوام كامل ودوام إضافيّ كمان... والحبّ ارتباط مش رباط، والتزام مش إلزام، وضحكة مش دمعة، وحركة كلّا بركة مش تأمّل وتحليل...
يا حياتي!!! العجقة بالعرس حلوة بس بالحبّ ما في إلّا اتنين سايعين الكلّ ومش سايعتن الدني/ والغزل حلو بس بيدوب بالشوب وبيجمد بالرد، ولكن الحبّ مغزال بإيد الدني ت ما تبرد قلوب الناس
يا قلبي!!! لو كلمة بحبّك بتجيب ولاد كان صار عندي أكبر طايفة بالبلد وأكبر حزب بالمنطقة، قد ما صرت سامعتها، بس أنا بنت الكلمة، الكلمة الشجاعة يللي صارت جسد، والجسد يللي هوّي طريق، والطريق يللي بتمرق حدّ القبر الفاضي وبتكمّل ع السما... وإذا بدّك تضلّ كلمة ما بقا تحكي معي ولا كلمة...
يا تقبر غيري!!! وحياتك مش ناقصني حكي، بحكي قدّ قاضي معزول... وفيي إكتب لحالي قصايد حلوة كمان...
يا حبيبي كلّ القصّة سؤال: إنت عارف شو بدّك منّي؟؟؟
عم
ضلّ قاعدة بصفحتك ناطرة ت تطلّ
خايفة شي نهار تطوي الصفحة عليي
وروح معس بين اللايكات والتعليقات
خايفة شي نهار تطوي الصفحة عليي
وروح معس بين اللايكات والتعليقات
ثقل الآخرين
(ماري القصيفي - من كتاب رسائل العبور - دار مختارات)
(ماري القصيفي - من كتاب رسائل العبور - دار مختارات)
رفضت دائمًا أن نكون مع الاخرين، لأنّ القلق الذي سكنني منذ
البدايات جعلني خائفة من أن يبقى الآخرون ويعبر هو، وواثقة من أنّ هؤلاء الذين
يبحثون عن صورته في خيال كلماتي يريدون أن يروا في عينيّ أحرفًا لم أرسمها بعد.
شعرت بشكل لا يقبل النقاش بأنّ هذه اللقاءات ستجعلني صفحة مفتوحة على طاولة أحد المطاعم، تتداولها الأيدي وتعمل فيها الألسنة قراءة وتحليلاً وتنقيبًا، وبأنّ النصّ الذي كتبني قبل أن أكتبه ستتطعّم حروفه بنكهة القهوة المرّة، وسيكلّله دخان سيكارة تشتعل غيرة. وعندما كنت أرفض دعواته إلى الانضمام إلى الآخرين، كنت أعجز عن التبرير، فيأتي الاعتذار مجبولاً بالتردّد والاضطراب كأنّي على أبواب امتحان لم أستعدّ له كما يجب.
في الحقيقة أنا لم أخف إلّا على علاقة اعتبرت دومًا أنّها سريعة العطب كتمثال من الكريستال الشفّاف لا يمكن وضعه بين أيدي أطفال يحبّون اللعب، ونادرة كتذكار حمله سائح من بلاد بعيدة لن يعود إلى زيارتها في هذه الحياة، وثمينة كىخر أيّام الصيف في حياة عجوز.
الآخرون بلا شكّ هم الثمينون والنادرون في حياته، هم مجاله الحيويّ والرئة الكبرى التي تمدّ العالم حوله بالهواء المنعش، ومن دونهم كان يشعر بالاختناق. لكنّهم، بالنسبة إليّ، هم المتطفّلون الذين اقتحموا حديقتي السريّة وقطفوا ورودها وأزعجوا سكينتها.
كنت أعرف أنّ هذا المنحى الطفوليّ فيّ لا يتآلف مع طبعه، واكتشفت مع الأيّام أنّ فسحات لقاءاتنا ستضيق شيئًا فشيئًا. وكان أمامي أن أنتظر اختقاءها تحت زحمة الأيّام والناس من غير أن أجد في نفسي الشجاعة لاقتحام الجموع حوله، ولم أكن لأستطيع حقًّا السماح لنفسي بالذوبان في تربة وجود هؤلاء الذين نما بينهم وارتفع، فصاروا نسغ حياته.
حين كان المكان يضمّنا وحيدين، استطعت غالبًا أن أتلمّس الطريق إلى العميق منّي، وأن أدخل بثقة المصحوب العارف الواثق. أمّا حين يحضر الآخرون فكان المكان يتحوّل فجأة متاهة باهتة أو صحراء بلا خيال أو منازل مستنسخة في مدينة تكرّر نفسها كلّ صباح. وبينهم، كان صديقي يتخلّى عن دوره كبوصلة ترشدني إلى البدايات القلقة المثيرة، بينهم، كان يتحوّل رجلاً يحبّه الجميع ويرغب فيه الجميع. وعند ذاك كنت أبدو قطعة أثاث في غير مكانها أو نُدبًا وقحًا في وجه متناسق التقاسيم. وأشعر بأنّ الوضع لن يستمرّ طويلاً على ما هو عليه وسوف تلحّ الحاجة قريبًا إلى مهندس ديكور يعيد تصميم المشهد المضطرب، أو جرّاح بارع يمحو الأثر المعيب...
شعرت بشكل لا يقبل النقاش بأنّ هذه اللقاءات ستجعلني صفحة مفتوحة على طاولة أحد المطاعم، تتداولها الأيدي وتعمل فيها الألسنة قراءة وتحليلاً وتنقيبًا، وبأنّ النصّ الذي كتبني قبل أن أكتبه ستتطعّم حروفه بنكهة القهوة المرّة، وسيكلّله دخان سيكارة تشتعل غيرة. وعندما كنت أرفض دعواته إلى الانضمام إلى الآخرين، كنت أعجز عن التبرير، فيأتي الاعتذار مجبولاً بالتردّد والاضطراب كأنّي على أبواب امتحان لم أستعدّ له كما يجب.
في الحقيقة أنا لم أخف إلّا على علاقة اعتبرت دومًا أنّها سريعة العطب كتمثال من الكريستال الشفّاف لا يمكن وضعه بين أيدي أطفال يحبّون اللعب، ونادرة كتذكار حمله سائح من بلاد بعيدة لن يعود إلى زيارتها في هذه الحياة، وثمينة كىخر أيّام الصيف في حياة عجوز.
الآخرون بلا شكّ هم الثمينون والنادرون في حياته، هم مجاله الحيويّ والرئة الكبرى التي تمدّ العالم حوله بالهواء المنعش، ومن دونهم كان يشعر بالاختناق. لكنّهم، بالنسبة إليّ، هم المتطفّلون الذين اقتحموا حديقتي السريّة وقطفوا ورودها وأزعجوا سكينتها.
كنت أعرف أنّ هذا المنحى الطفوليّ فيّ لا يتآلف مع طبعه، واكتشفت مع الأيّام أنّ فسحات لقاءاتنا ستضيق شيئًا فشيئًا. وكان أمامي أن أنتظر اختقاءها تحت زحمة الأيّام والناس من غير أن أجد في نفسي الشجاعة لاقتحام الجموع حوله، ولم أكن لأستطيع حقًّا السماح لنفسي بالذوبان في تربة وجود هؤلاء الذين نما بينهم وارتفع، فصاروا نسغ حياته.
حين كان المكان يضمّنا وحيدين، استطعت غالبًا أن أتلمّس الطريق إلى العميق منّي، وأن أدخل بثقة المصحوب العارف الواثق. أمّا حين يحضر الآخرون فكان المكان يتحوّل فجأة متاهة باهتة أو صحراء بلا خيال أو منازل مستنسخة في مدينة تكرّر نفسها كلّ صباح. وبينهم، كان صديقي يتخلّى عن دوره كبوصلة ترشدني إلى البدايات القلقة المثيرة، بينهم، كان يتحوّل رجلاً يحبّه الجميع ويرغب فيه الجميع. وعند ذاك كنت أبدو قطعة أثاث في غير مكانها أو نُدبًا وقحًا في وجه متناسق التقاسيم. وأشعر بأنّ الوضع لن يستمرّ طويلاً على ما هو عليه وسوف تلحّ الحاجة قريبًا إلى مهندس ديكور يعيد تصميم المشهد المضطرب، أو جرّاح بارع يمحو الأثر المعيب...
قالت
لي المرآة: أنا هنا إن أردتِ الكلام...
2012
لا
تقل لي كوني جميلة واصمتي، قبّلني ولن أنطق بكلمة
***
حتّى
أنت الذي أنا لن تعرف مقدار شوقي إليك
شلحت الوجع يا زغير
وغفيت بالوردة
ومن برد المخدّة
صقّع قلب إمّك
المحروق ت يضمّك
وت يسمع الضحكة
الْجمدت على تمّك
ويبست الأعياد ع الشمعات
وما عاد بدّها إختك تغنّي
وتختك المغسول بالدمعات
عم يسألك:
شو بيعدك عنّي؟
وع غراضك عربشت الهموم
وسكتت الكلمات بكتابك
وما عاد بدّها إختك تغنّي
وتختك المغسول بالدمعات
عم يسألك:
شو بيعدك عنّي؟
وع غراضك عربشت الهموم
وسكتت الكلمات بكتابك
يا حسرتي يا زغير شو مظلوم
ما كنت هيكِ عامل حسابك:
ما عاد فيها ستّك تضمّك
ولا عاد بيّك يحمل غيابك.
ما كنت هيكِ عامل حسابك:
ما عاد فيها ستّك تضمّك
ولا عاد بيّك يحمل غيابك.
***
نحن
الشعب الوحيد الذي يبحث عن الفرح في تعاسة الماضي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق