الجمعة، 28 يوليو 2017

مداخلة الدكتور سعود المولى حول رواية ماري القصيفي (للجبل عندنا خمسة فصول)


مداخلة الدكتور سعود المولى حول رواية ماري القصيفي (للجبل عندنا خمسة فصول)، في ندوة عن الرواية أقيمت في مركز عصام فارس (وشارك فيها الباحث مكرم رباح الذي يعد اطروحة دكتوراه عن حرب الجبل، والكاتب بول عنداري الذي كان مسؤولاً عن "جبهة بحمدون" وفي حضور مفوّض الإعلام في الحزب التقدّمي الاشتراكيّ رامي الريّس)
رواية ماري القصيفي (للجبل عندنا خمسة فصول) هي من تلك المحاولات، القليلة للأسف، التي نحت بعد الحرب الأهلية منحى التعامل الأدبي والتصويري لوقائع منتقاة من سيرة الحرب... ولعل ماري اعتقدت أنها بذلك تنزع عن ذاكرة الحرب الجمعية (وهي عندنا ذاكرة جماعات وطوائف) محمولاتها الأيديولوجية الحادة وشحناتها العاطفية التدميرية، فتحيلها عبر أبطال روايتها وشخصياتها وسرديتها القصصية إلى مرويات وذكريات غامضة ضبابية فنية... ولعل ماري أراددت بروايتها هذه المشاركة في التأسيس لوعي نقدي لوقائع التاريخ، ولفهمه كما حصل عبر تعبيراته في ذاكرة من عاشوا تلك الوقائع. فهل نجحت ماري القصيفي في ذلك؟ وهل تنجح الرواية أصلًا في هكذا أمر؟ وهل مهمة الرواية كتابة التاريخ وتنقية الذاكرة وشفاء القلوب ومداواة أعطاب الواقع المميتة... 
لا أدري!!  فأنا لست بناقد أدبي أو روائي! كما أنني لست من جماعة "اتحادات الكتاب" التي انتشرت أيام الحرب الباردة وصارت ببغاوات أيديولوجية لهذا الطرف أو ذاك (خصوصًا جماعة جدانوف وكتابه: "إن الأدب كان مسؤولًا")...
في الرواية دائمًا شيء خاص حميم لا تدركه النظارات الحزبية الفئوية والتحشيدية... في الرواية أدب وفن وجمالية وصف وبلاغة تعبير الخ... في الرواية خيال يُبعدنا عن الواقع... ولكن هل الرواية حيادية؟ هل الرواية تعبوية؟ هل الرواية وصفية؟ هل الرواية ترميزية؟ هل الرواية غير الواقع؟الخ... أسئلة كثيرة لست أنا من يستطيع الكلام عنها... 
ولكنني سأتحدث عما فهمته... فأنا قرأت في رواية ماري جزءًا من ذاكرة خصبة لم تتح لها السياسة أن تعبر عما في مكنوناتها... وقرأت أن أي واقعة من وقائع حربنا الأهلية مؤلمة وقاسية وعنيفة... ولكنها أيضًا حمّالة أوجه...أي أنها يقابلها واقعة أخرى جرت للآخر وعاشها الآخر بشكل آخر... وهذا الآخر هو دائمًا إما غائب أو مغيّب أو مشيطن في روايات الناس للأحداث، وفي ذاكرتهم عنها، كما في تخيّلهم لها. وهو لا يحضر في الرواية القصصية... فالرواية تروي عن أحد غير معني بالآخر... لا بل هو يعادي الآخر ويحقد عليه ويشيطنه ويحملّه كل آثام الدنيا... فهل هذا صحيح؟ وهل هذا صحي؟ أيضًا لا أدري!! فكل رواية تحكي عن زاوية ما، أو عن فئة من الناس، أو عن ناس محددين من شحم ولحم يعيشون مأساتهم وترويها الكاتبة عنهم... هذا النوع من الروايات مطلوب... ويا حبذا لو يكتب الناس روايات عن الحرب الأهلية... ويا حبذا لو يعمد السياسيون والمحاربون إلى كتابة سرديتهم عما عاشوه وعانوه وعاينوه... ويا حبذا لو يتم ذلك مع الابتعاد قدر الإمكان عن السجالات السياسية حول المسؤولية عن الحرب والمسؤوليات في الحرب والمسؤوليات عن وقائعها، خصوصًا منها المجازر الوحشية... فهذا باب يفتح على المجهول ولا فائدة منه...
إلا أن الرواية لا تستطيع إلا أن تكون رواية أي أنها تروي وفي الرواية إذن خطر فتح الجروح...فهل نوقف الروايات والأدب؟؟ كلا بالطبع...
ما أحببته في رواية ماري القصيفي هو العمق الإنساني في تصوير الشخصيات وفي وصف الوقائع... وليس عندي الكثير لأضيفه سوى أنني أحببت الرواية وأحببت أسلوب الكاتبة ولغتها واختيارها لشخصيات روايتها...
أما في الجانب السياسي فإنني أعتقد أن هذه الرواية هي من الروايات والسرديات القليلة التي تفتح أمامنا بابًا للتفكّر والتدبّر في مسألة ذاكرة الحرب الجمعية وفي كيفية التعامل مع الذاكرات المتناقضة المتحاربة وفي كيفية ايجاد الفسحة الوسيطة التي تسمح ببناء ذاكرة وطنية واحدة ومتعددة،ـ وتاريخ وطني واحد ومتنوع، دون الوقوع في الصهر والأحادية والنزعات الإلغائية الإقصائية للآخر... إن بناء وعي صحيح بهذه المسائل هو من أساسيات بناء الأوطان والدول. الذاكرة الجمعية الخاصة بالجماعات والطوائف لن تزول ولن تضمحل ولكن علينا التفكير في كيفية تحويل شحنتها العاطفية وآلامها المأساوية إلى دوافع لعمل الخير والمحبة لا إلى غرائز للانتقام...
هناك ستة أنساق من التعامل مع الماضي (أو الذاكرة) يمكن استخلاصها من تجارب الأمم والشعوب في عصرنا هذا:
1- فقدان الذاكرة: وهو حال ألمانيا واليابان بعدالحرب العالمية الثانية 1945، وحال إسبانيا بعد الحرب الأهلية 1936-1939، وروسيا وأوروبا الشرقية بعد سقوط الشيوعية 1989-1991
2- المحاكمة والعدالة: محكمة نورمبرغ بعد سقوط النازية، محكمة العدل الدولية، بدايات المحكمة الدولية للجرائم ضد الإنسانية.
3- التطهير أو معاقبة المتعاملين مع العدو بطردهم من حقول الشأن العام: حال فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية، وأوروبا الشرقية بعد سقوط الشيوعية.
4- التعويض المتفاوض عليه، وإعادة الاعتبار: حال ألمانيا مع اليهود، مفاوضات كندا وأستراليا مع السكان الأصليين، الوضع الممكن لشعار حق العودة الفلسطيني.
5- إعادة التثقيف السياسي الأيديولوجي: التجربة الشيوعية كمثال سلبي، وتجربة مبادرات التدريب على حل النزاعات وثقافة السلام كتيار إيجابي معاصر.
6- لجان الحقيقة والمصالحة: تجربة جنوب أفريقيا وبعض دول أميركا اللاتينية وربما المغرب.
حقاً إن الذاكرة الجمعية تستوحي حدثاً وقع في التاريخ إلا أنها تبسّط وتختزل هذا التاريخ، وتقوم بتنقيته، عبر الأسطرة والتحوير والتلفيق، مستخدمة في ذلك لغة رمزية خاصة .. إن الرموز التي تستخدمها الذاكرة الجمعية محمّلة بالمعاني والدلالات .. والذكريات التي تستعيدها تلك الرموز هي في الغالب مشاعر جماعية عميقة وعنيفة... فهي لذلك مصدر للاتحاد النفسي – البيولوجي الذي يلحم الجماعة...
إن التذكّر أمر يختلف عن التأريخ .. فهو ليس فقط عملية بيولوجية- نفسية وإنما هو أساساً عملية أيديولوجية- اجتماعية تخضع لمؤثرات البيئة والمكان والزمان، وقبل ذلك كله للاطار الثقافي – الايديولوجي الناظم والمحدد، وأيضاً وأساساً للمصالح المباشرة، الفردية أو العائلية أو العشائرية أو الجماعية..  وهذه المصالح ( الأهواء بلغة القرآن) تعمينا عن الحق والعدل إذ هي تؤطر رؤيتنا الذاتية كما الجمعية، وتحدد تالياً ذاكرتنا الفردية والجماعية... ولعل هذا هو ما دفع علماء الاجتماع الى القول بأن الذاكرة هي بناء اجتماعي معد للاستخدام عند الطوارئ... إن اعتبار الذاكرة  "حقيقة موضوعية مطلقة ومجردّة"، والمماهاة بينها وبين "التاريخ"، قد حوّل التاريخ الى ذاكرة ايديولوجية مضخمّة انقسامية فارزة ومولّدة للحروب الأهلية... كما أن الاستخدام البراغماتي للذاكرة كخزان للمعلومات والمعطيات التاريخية يمكن تفريغه عند الطلب (عبر تذكّر احداث معينة تستدعي التعبئة والتحشيد للمواجهة او الحرب) ومن خلال الشعائر والطقوس والشعارات والأعلام والألوان والأعياد والمناسبات الخاصة، قد جعل من كل جماعة عبارة عن: دولة/أمة، لها تاريخها الخاص وذاكرتها الجماعية ووجدانها وضميرها، وقضاياها وهمومها واولويتها الخاصة...
ولذا فإنه ينبغي التوقف عن اعتبار ذاكرتنا الخاصة (ذاكرة جماعتنا) هي "التاريخ"، أو هي ذاكرة الوطن أوالأمة... واذا لم نميّز بين الإثنين فسيضيع الفارق بين الواقع والخيال، وبين الحقيقة والوهم، وبين التاريخ والايديولوجيا.. وبما أن الأحداث الواقعية (أوالتاريخ الفعلي) هي غير فهمنا وعيشنا وتفسيرنا لها، وخصوصاً في المجتمعات المنقسمة ( لبنان ويوغوسلافيا على سبيل المثال) فانه من الشرعي والمنطقي في مجتمعات كهذه حدوث اختلاف وتباين في الرأي والنظر الى الأحداث والوقائع وحول فهمها وتفسير خلفياتها، وحول وجود "حقيقة أخلاقية موضوعية مطلقة ومجردّة"...وتزداد المشكلة تعقيداً بسبب ما درج عليه العالم من كتابة المنتصر للتاريخ وفق هواه وعلى حساب المغلوب أو المهزوم الأمر الذي ولّد ويولّد جراحا اعمق وشرارات لحروب أشرس.. حدث هذا الأمر مع الألمان مثلاً في المرحلة ما بعد الحرب العالمية الاولى وهو أنتج النازية... ويحدث ذلك اليوم في المجتمعات المنقسمة أو المتعددة الهوية والإنتماء، بعد انفجار الايديولوجيات الإطلاقية وانهيار النظم الشمولية الأحادية، القامعة أو الضابطة ...
علينا التفكير والعمل من أجل إعادة الإعتبار إلى القيم الإنسانية الحقة وأولها إنسانية الإنسان وكرامته وحريته... وهذا هو المقدس المطلق أي الأصل الذي تنبني عليه علاقات البشر... ومن هنا واجب العمل على صياغة ميثاق أو منظومة القيم الإنسانية التي تحترم وتقدس حياة الإنسان وعقله وروحه وكرامته وحقوقه وحرياته، وتقدس اختلاف البشر كسنة إلهية وكحقيقة تكوينية، وتحترم هذا الاختلاف وتحترم حق الاختلاف وحق التعبير عن هذا الاختلاف من خلال التنوع والتعدد الثقافي.
إن السلم الأهلي والمصالحة الوطنية والتسوية العادلة المتوازنة هي أسس العقد الاجتماعي اللبناني ما يعني نبذ لغة التخوين والتكفير وعمليات نبش الذاكرة واستحضار الماضي استنسابياً. والمطلوب مراجعة نقدية حقيقية للتجربة الماضية عنوانها الحقيقة والعدالة. والمطلوب تأسيس ذاكرة وطنية جديدة وثقافة وطنية ديموقراطية تستوعب تجارب الماضي وتستفيد من دروسه ومحنه.
وبرأيي فإن الرواية والأدب والفن يمكن أن يلعبوا دورًا أساسيًا وتأسيسيًا...


تحية إلى ماري القصيفي لأنها تضع يدها على جراحنا...ولأنها تلامس قلوبنا... ولأنها تفتح ذاكرة على العودة إلى إنسانيتنا في كل لحظة وفي كل مكان...

الخميس، 27 يوليو 2017

الفصل الأخير من روايتي "للجبل عندنا خمسة فصول" - منشورات دارر سائر المشرق



        لا أعرف الآن إن كان الجبل سقط لأنّ خالتي، سقطت في عين نفسها ليلة عيد مار يوسف معتبرة أنّها امرأة ساقطة، فأنزلت لعنتها على هذا المكان، وعلى مسيحيّيه الذين ينهون سهرة العيد بالسكر، أو لأنّ سلوى لعنته ولعنت دروزه الذين ذبحوا أخاها واغتصبوها انتقامًا لبشير جنبلاط من بشير الشهابيّ. ما أعرفه أنّ الجبل لم ينهض بعد من سقطته. ففي ذلك الصيف البحمدونيّ، الذي دفنت فيه سلوى، ثمّ قرأت حياتي وحياتها منصهرتين في أتون الجبل المستعرة نارُه أبدًا، تأكّد لي أنّ منطقة تقيم المهرجانات الصاخبة ولا أنابيب صرف صحيّ فيها، هي مقبرة كبيرة يجتاحها الذباب نهارًا، والبعوض ليلًا، وأنّ دروزًا، يوافقون في السرّ والعلن على "تربية" غير الدروز الذين يتزوّجون من بناتهم، مصيرهم التقوقع فالاضمحلال، وأنّ مسيحيّين، ينقسمون بين جيل من مزارعين كهول يعملون في الكروم والحقول طوال النهار ويموتون فقعًا تحت الأشجار، وجيل شابّ يخجل من التراب العالق تحت أظافر أهلهم، ويبيح لنفسه اللواط والسحاق والمخدّرات، مصيرهم الانعزال فالزوال.
    أنهيت النهار الذي بدأ مع عفاف، بالنوم بين ذراعيّ دانيال. اتصلت به وأنا على طريق جبيل، وطلبت منه أن يترك كلّ شيء ويوافيني إلى بيتنا في العاقورة، فأنا لا أريد أن تراني البنات في هذه الحالة...
     هكذا كانت تقول سلوى... عندما تشعر بأنّها منصاعة رغمًا عنها إلى انهيار آخر: لا أريد أن تراني البنات وأنا في هذه الحالة!
    لكنّي لست هي! هذا ما يؤكّده لي دانيال، لذلك أردت أن أجد نفسي معه، مع الشخص الوحيد الذي يشيع في روحي الأمان، ويشبع جسدي حبًّا، وفي منطقة لا تشبه الشوف وعاليه وبحمدون وبيروت وبعبدا والبترون، ولا عين يوسف ودير القمر ودير الصليب. قلت له حين ضمّني إلى صدره: أرجوك دعني أنسى كلّ شيء، أرجوك امنعني عن الخروج من هنا. اتركني منعزلة بين اللوحات التي ترسمها، والكتب التي نقرأها ونكتبها ونترجمها، بين جلول التفّاح والصخور العنيدة، مع الثلج والريح والوحدة والصمت. لم يقل شيئًا بل ضمّني إليه وتركني أبكي قدر رغبتي في البكاء، وأنا أعيد سرد حكاية خالتي، مردّدة بنقمة سؤالًا واحدًا: لماذا لم تسمح الحياة لسلوى أن تنعم بالحبّ؟ فأجابني دانيال: لا أعرف لكنّي أعتقد أنّها في قرارة نفسها تمنّت دائمًا أن تشبه العاشقة التي فيك لا الكاتبة. 
    كانت ليلة حبّ بلا كلمات ولا ذكريات ولا هواجس. قبّلت زوجي بنهم نساء كثيرات لم يعرفن الحبّ، وقبّلني بشوقِ من طال به الفراق. كنّا بطريقة ما ضحّيتين من ضحايا الحرب، خسرنا مراهقتنا مع بدايتها، وانعطفت أحلامنا ألف مرّة حين قرّرت المعارك بالنيابة عنّا أين نتعلّم، وأين نتزوّج، وأين نقيم في السلم، وإلى أين نهرب عند القصف، وبماذا ننصح بناتنا أن يتخصّصن في الجامعة، وإلى أيّ بلد نشير عليهنّ بالهجرة والاستقرار. ومع وجود سلوى في حياتي، بدا لي دانيال أكثر من مرّة كمن ارتبط بامرأتين، ومرّات كان يحوّل الأمر مزاحًا، أعرف من أيّ نبع حنان يصدر، فيقول: كأن لا يكفيني أنتِ وأمّك وخالتك وبنتيها، حتّى أنجبت لي ثلاث بنات. وكنت أجيبه: لكنّ بناتك عوّضن عليك بفريق من الشبّان: زملاء وأصدقاء وأحبّاء سابقين وأحبّاء حاليّين ومشاريع عرسان ومن مختلف الجنسيّات والطوائف!
    بدأ الهواء الخريفيّ يعلن نهاية ذلك الصيف، فأغمض عينيّ اللتين تجدان صعوبة في استيعاب كميّة الضوء الساطع النقيّ، بعدما اعتادتا على شاشة اللابتوب والهاتف الخلويّ، وأستسلم لسكينة تلك المنطقة النائية. ينضمّ إليّ دانيال في الحديقة، ورائحة صابون الاستحمام تسبقه، فيقف خلفي ويلفّ ذراعيه حول خصري، ويقبّل عنقي. فأسأله وأنا ألقي رأسي على صدره: ماذا أفعل بالأوراق التي معي، كتابات سلوى، ومذكّرات جوزيان، وحكاية أنطوني وسرّ خالتي؟ يغرق زوجي وجهه بين خصلات شعري المنسدل، ثمّ يغرز ذقنه في كتفي، فيجاور خدّه خدّي، فتنتابني رغبة لذيذة في ممارسة الحبّ، وأزداد التصاقًا به وهو يقول: عليك أن تنشري تلك الأوراق، هذا حقّهم عليك وواجبك تجاههم. وبشكل خاصّ تجاه سلوى، لا لأنّك تشعرين بالذنب، عن غير وجه حقّ، تجاه بقائها في الجبل، بل احترامًا لإيمانها بأنّ ما كتبته أجمل من حياتها، ففي نصوصها عاشت وعشقت وانتقمت وتطهّرت وتمسّكت، في حديثها عن المرأة الدرزيّة التي سمّتها عذراء الجبل، بخيط خلاص.  ثمّ أضاف وهو يهمس في أذني بالطريقة التي يعرف ماذا تفعل بي: ويمكنك أن تبدأي روايتك بالقول إنّ خالتك نامت مع رجلين في ليلة عيد القدّيس الذي لم ينم مع امرأة. أفلتت منّي قهقهة مدويّة والتفت إليه لأتناول شفتيه كأنّي أستردّه من أوراق سلوى، وأعيده حبيبي وزوجي ووالد بناتي وشريكي في كلّ شيء، وقبل كلّ ذلك، الرجل الذي لا يبكيني بل يشرب دموعي حين تبكيني قصص عائلتي، والذي يثير رغبتي فيه كلّما أضحكني.
    في أربعين سلوى، خالف رئيس دير الرهبان، المحتفل بالذبيحة الإلهيّة في كنيسة عين يوسف، أوامر الكنيسة التي تمنع العلمانيّين من إلقاء الخطب والكلمات من على المذبح. فسمح لي، ربّما بصفتي كاتبة وصحافيّة، وعلى الأرجح لأنّه لا يعرف ماذا يقول عن امرأة أمضت عمرها في دير الصليب، بقراءة نصّ من نصوصها:
    " في ذلك الصيف البحمدونيّ، تساءلت أين سأدفن إن متّ فجأة. خطر لي الأمر وأنا أسمع جيراني يتحدّثون عن المقابر التي نُبشت، وحرمة الموت التي انتهكت، فعاد إليّ مشهد جدّتي المصرّة على دفن جدّي في القرية، بينما هي دُفنت في مدافن بلدة الحدث، حيث اشترى المهجّرون من قرى الشوف وعاليه جوارير، يتجاور فيها، بهدوء تام، الموتى الذين ما كان أحدهم يطيق الآخر في قراهم، بل يرفعون الدعاوى القضائيّة بسبب شجرة زيتون أو حجر لامس طرفُه أرض الشقيق أو ابن العامّ أو ابن الخال.
    هل أريد أن يلتحف جسدي بتراب عين يوسف الذي ضمّ أجساد والدي وجدّي وعليا وأنيس وأسعد؟ وماذا لو عادت الحرب لتغتصب موتي كما اغتصبت حياتي؟ فأنا مذ عاد أهل قريتي ورمّموا بيوتهم وبنوا الكنيسة وأعادوا إعمار المدافن، لم أنم ليلة واحدة فيها، إذ كنت أسمع بعودة خلافات عنيفة بسبب متر أرض، والأرض كلّها كانت سليبة، وتصل إليّ في دير الصليب مشاكل الإرث وتوزيع الحصص، والورثة كلّهم كادوا يموتون جوعًا أو قنصًا في دير القمر، وأولادهم يهاجرون إلى غير رجعة. فتأكّد لي أنّ الدروز إن أرادوا قتلنا مرّة أخرى، أو ربّما الشيعة والسنّة الذين يشترون الأرض، فلن يجدوا، كما دائمًا، من يقف في وجههم. أعتقد أنّني أريد أن أدفن في دير الصليب، حيث أمضيت من العمر سنوات أكثر من تلك التي أمضيتها في قريتي. هناك على الأقلّ، أكون قرب سليم، وإن حصل وتشاجر اثنان قرب قبري، فسأجد لهما في الجنون عذرًا، والجنون الحقيقيّ أبعد ما يكون عن الغباء، وأكثر براءة من أن تُلصق به جرائم الحرب، لأنّه أجمل من الحقد، وأطهر من الشرّ، وأعمق من المعرفة، وأسمى من الدين. وشقيقي سليم مجنون حقيقيّ لأنّه حاول إنقاذي بكلّ الطرق التي يعرفها ويقدر عليها، أمّا نحن، نحن كلّنا، فمجرمون أو ضحايا.
    قبل أن أغادر بيتي البحمدونيّ المؤقّت، قلت للعمّ أديب: انتهى الصيف ولم تنتهِ حكايات التهجير يا أبو جورج! فأجابني بأنّ لكلّ مهجّر حكاية ولكل عائد قصّة ولكلّ مفقود وميت رواية، فكيف لشخص واحد أن يجمع كلّ ذلك في كتاب واحد؟ ثمّ سألني إن كنت قرّرت أن أعود إلى الجبل لشراء بيت تحيط به حديقة، كما كنت ألمـّح دائمًا أمامه، فكان جوابي سؤالًا: وهل عاد الجبل إلينا؟ أنت نفسك قلت لي إنّه لم يعد... ربّما أعود حين تفتح مكتبة أنطوان وVirgin فروعًا لهما في الجبل. ربّما".

الثلاثاء، 18 يوليو 2017

ما في شي تغيّر من 2014 ويمكن من قبل

الخطايا السبع

3 آب 2014
إلى بعضكنّ وبعضكم:
يا جماعة/ فلسطين مش موضة، غزّة مش شعار، سوريا مش لعبة، العراق مش موقف لحظة، وليبيا مش برميل نفط، عرسال مش قضية بلّشت مبارح والجيش مش غنيّة وفيديو كليب... المواضيع كلّها متشابكة ومترابطة، فيها الفقر المدقع، وفيها العهر السياسيّ والفساد الماليّ والخيانة، والتجارة والديكتاتورية، وعسكر ع مين وعكسر لمين، وميّة مصيبة وفضيحة
يعني مش اليوم لأنو في فايسبوك وتويتر وغيرن صرنا بدنا نركب الموجة وحدة ورا التاني وننزل ببعضنا وعظ وإرشاد
وكتابتي أنا بالتحديد مش ع الطلب، يعني ما حدا بقا يراسلني ت يسألني ليش ما كتبت عن غزّة، وليش ما جبت سيرة حلب، وليش ما دعيت لجمع مساعدات لمسيحيي الموصل، وليش ما حطّيت شعار للجيش وليش ما بحكي سياسة وباخد موقف
الموقف الوحيد يللي رح آخدو هوّي من يللي بعد بيتفلسفوا عليي:
_ واحد علماني، وع شوي ملحد، بيدعي للحرية الجنسيّة، وبرمضان بيصوم ت ما تزعل إمّو
_ وحدة سهرانة بالزيتونة بي، وبتدعم الجيش بشعار ع الفيسبوك وكانت مبارح عم تسبّ للعسكري بس وقّفها ع الحاجز وما شالت عويناتها يللي كل ميلة منن قد بوز المدفع، وما نزّلت القزاز كرمال المكيّف
_ واحد قاعد آخر الدني وصورتو بالمايوه ع البيسبن ببيتو الفخم، ونازل فيي رسائل عن الكيان الصهيوني وضرورة محاربتو وأنا هون تحملّت أربعين سنة حرب بسبب المؤامرة الصهيونيّة والغباء اللبناني والبغاء العربي|
_ واحد ما بدّو نساعد العراقيين، وواحد ما بدو نستقبل السوريين، وواحد ما بدو ينسى شو عملو فينا الفلسطينيين...
وغيرن وغيرن، ما بيعرفو خريطة فلسطين، ولا بيعرفو تاريخ لبنان، ولا بيعرفو وين النفط ووين الغاز
يا جماعة في ولاد عم تنقتل، وفي فقر وقهر وحزن وخوف، في أوبئة وفي أمراض، في جهل وتطرّف وجهاد ونكاح وموت بالجملة، في تهجير واغتصاب وصور مرعبة عن وحشيّة الإنسان، في وضع مش طبيعيّ، وكلّ يللي هامم بعض الناس بوست أو تعليق كتبتو أو ما كتبتو!!! وإذا أنا مزوّجة أو عزباء، ولمين عم بكتب حبّ!
عم بكتب حب ضد الحرب، حب ضد القرف، حبّ ضد البشاعة، حبّ ضد التطرّف، حب ضد الجهل، حبّ ضد الأنانية، عم بكتب حبّ لكلّ حدا ومش لحدا، ون كان لحدا ما حدا دخلو... إنتو إلكن الشعر مش الشاعرة، والرواية مش الروائيّة
وبصريح العبارة في كتير ناس ما عاد إلي خلق يطلعو قدّامي ولو بالصدفة، ت ما شوف جهلن وعصبيّتن وصورن، وإذا بدّكن تعرفو أنا مع مين، أنا مع حالي وضد الكل!
يا عمي العمر قصير شو جابرني ناقش ناس ما خصّا بيللي بكتبو!! ويللي بدّو يجاهد ويحارب ويقاوم ويدافع يروح ع الجبهات وما في أكتر منن ببلادنا! بس رجاء ما حدا يوعظني!!
انتهى البيان...

***

4 آب 2014
بخصوص الجيش والشعب البليد: (بالإذن من زياد الرحباني)
يا جماعة ما فيكن تكونو مع الجيش وحسابكن بالدولار لأنو ما بتوثقو بالليرة اللبنانيّة/ وما فيكن تكونو مع الجيش وضدّ بعضكن/ وما فيكن تكونو مع الجيش وضد البيئة/ وما فيكن تكونو مع الجيش وما تقولولو وين عم يغلط مش تسايرو، ولكن مش هوّي وبعزّ المعركة...
أنا مع الجيش ولكن مش مع يكون العسكري خادم عند مرت الضابط، وشوفير لولاد الضابط ومنظّف سجّاد عند حماة الضابط
أنا مع الجيش ولكن مش مع إنو العسكري يسبّ ع الطرقات وياكل بزر ع الحاجز ويكبّ زبالة ع الأرض
أنا مع الجيش مش لأنو عم ينقال إنو جيش المسيحيين متل ما كانو الفلسطينيين جيش السنة
أنا ما بحبّ الأنظمة العسكريّة، بس كمان ضد ديمقراطية الحمير...
ولا بطيق البدلة الوحدة ولو كانت ع جسم طبيب أو كاهن أو تلميذ مدرسة...
أنا مع الجيش مش لأني بدي قائدو يجي رئيس جمهورية، (بخاف عليه يكون أقلّ من فؤاد شهاب)
ولا لأني مع حزب الله، لأنو الله تبع حزب الله مش هوّي زاتو الله يللي أنا بآمن فيه وبلا ضحك ع الدقون (إلهي مات وقام وإله المسلمين لم يمت ولم يقم)، بس هنّي أحرار بإيمانن وأنا حرّة بإيماني، وإذا بدّن يحاربو بسوريا كمان هني أحرار وما إلي معن شي... والشيعة يللي بعرفن وبحبّن بيشبهوني وما بيشبهو ولا رجل دين...
ولا لأني ضد السنة بمخيم نهر البارد أو بعرسال أو بحيالا مطرح تاني، لأنو السنة يللي بعرفن وبحبّن ما خصّن لا بالله وبلا سنتو، وكمان بيشبهوني وما بيشيهو ولا رجل دين...
بس لمّا بسمع إنو وليد جنبلاط يللي هجّر مسيحيّة الجبل معترض ع تهجير مسيحيّة الموصل، وبس يضل نبيه برّي رئيس مجلس النواب مدى الحياة، وبس سعد الحريري وحسن نصرالله بيخاطبو الناس من ورا الشاشات، وبس سمير جعجع وميشال عون بيتقاتلو ع كرسي رح يسوّس خشبا (لأنو مش من خشب الأرز الشهير)... وبس فكّر للحظة بأنو راسي معقول يطير بسيف داعشيّ بأيّا لحظة، ولأنو طبعًا المسيحيين ما معن سلاح وإذا صار معن رح يوجّهو ع بعضن، وبس فكّر إنو الوضع هالقد دقيق وما عاد خيار مترف تكون مع الجيش بل خيار وحيد، فما بيعود في داعي للحكي والجدل العقيم، وبلا شعارات فاضية أكيد متل يافطات البلديات يللي كلا أخطاء لغوية وصفّ حكي، وبلا أغنيات صارت أكتر من عديد الجيش
لازم يكونو الكلّ مع الجيش ت يصير الجيش للكلّ، وما بيقدرو جماعة 14 آذار يكونو اليوم ضد الجيش وبـ 14 آذار الشهير وزّعو الصور إنو الجيش معن وعم يشارك بانتفاضة الاستقلال ويفتح الحواجز أمام الناس يللي عم يعطوهن زهور...
يمكن الجيش بدلة (وأنا بكره البدلة) بس ما بيقدر يكون بدلة ع قياس كل حدا منكن...
وللحديث صلة...
ورح نشوف كم حدا رح يضهر من الصفحة اليوم
وللبيان حرّر...

***

7 آب 2014
(بهيديك المرحلة كان في عليي هجمة وعظ وإرشاد مسيحي ع وطني كرمال هيك كان الحكي موجه لهالفئة من النسوان، وطبعا هالحكي بيصحّ ع غير المسيحيات وما بيصحّ ع كل المسيحيات)

عزيزتي المرا المسيحيّة يللي محمّسة للجيش إنت وعم تتحمّصي ع البحر، يا ريت حدا بيشرحلك شو عم إكتبلك لأنو أكيد ما بتفهمي عربي:
وقت يللي كان في خدمة عسكريّة لولادك عملتي مليون واسطة ت تهرّبين منها ع أساس ولادك ما بيحملو بهدلة
وقت يللي بنتك حبّت عسكري بالجيش كنتي رح تنتحري لأنو مش كلاس ولأنو ما بيحكي لغات ولأنو إمّو بتعمل كشك، وكان جوابك لبنتك: يا مامي لو ع القليلة ضابط كان عندو شوفير
وقت يللي إبنك مشي مع المحشّشين والحراميي كانت فرحتك قدّك لأنو أصحابو ولاد زعما
وقت يللي إبنك شلح تيابو وكبّن ع الأرض ت تلمّن الخادمة كان في شب من عمر إبنك عم يموت ت إبنك ينهرق ويتغنّج
وقت يللي كنتي قاعدة عند الكوافير عم تخبّصي بالحكي بالسياسة كان في مرا من عمرك عم تندب إبنها
وقت يللي كنت ناقعة إجريك بالمي قبل البيديكور كان في عروس عم تزفّ عريسها للموت
وقت يللي ولادك كانو نايمين للضهر كان في ولاد ناطرين تابوت بيّن
عزيزتي المرا المسيحية يللي عبّيتي حيطك شعارات للجيش، ودّي إبنك ع الجيش بعدان تفلسفي... احملي مكنسة ونضّفي بيتك قبل ما يخطر ع بالك تحملي قلم وتكتبي (وأكيد ما بتخيّلك رح تحملي سلاح)
عزيزتي المرا المسيحيّة، في كتار بنات ونسوان ماتوا وعاشوا كرمال قضيّة (يمكن صحّ يمكن غلط بس ع القليلة كان عندن قضيّة) فيكي، قبل ما تشلحي وتنزلي ع البحر، تشرحيلنا شو هي قضيّتك اليوم؟
هيدا مش امتحان موضوع إنشاء، ما تخافي... ع الأكيد إنت وحدك الناجحة...
وللبيان حرّر...


الجمعة، 14 يوليو 2017

من يوميّات الفيسبوك 14 تمّوز

Lady with handfan - Renoir
في مثل هذا الحرّ آخر ما أحتاج إليه عاطفة دبقة
م. ق

2012
أحتاج إلى أعمار أخرى كي أجد من أبحث عنه
***
مِن فلس الأرملة
الكلفة التقريبيّة لعرس ابن أحد الكهنة الموارنة بلغت مئة ألف دولار
***
بالإذن من إعلان بن نجّار،
وين ما في لبناني ... في نجّار عم يعمل خوازيق
***
في مثل هذا الحرّ آخر ما أحتاج إليه عاطفة دبقة
***
لا يزالون يقتلون الفيَلة ويصنعون من أنيابها فيَلة تذكاريّة.
لا يزالون يقطعون الأشجار الخضراء ويصنعون منها الورق ليرسم عليها الأطفال أشجارًا ويلوّنوها بأقلام خضراء.
لا يزالون يخطّطون لحروب بشعة تصلح للكتابة عنها ثمّ لتصويرها في أفلام جميلة.
إنّهم الناس الذين يدّعون أنّهم أفهم الكائنات!
***
لو كنّا نمتنع عن التفكير بمنطق في لحظات العشق
ونتعالى عن الانفعال العاطفيّ عند حوار يفترض أن يكون عقلانيًّا
لزال كثير من مشكلاتنا النفسيّة
***
في خزانة المرأة التي لم تعرف العشق
فساتين السهر تئن من الضجر
***
إلى مريم المجدليّة:
يعجبني فيك أنّك لم تلقي عظة واحدة عن العفّة.
***

2014
حدث ذاتَ أحدٍ أن أضاء رجلٌ شمعةً في محراب العشق، فغارت الملائكة من المرأة التي صارت إلهة.
***
إلينا، 
نحن القابعين أمام شاشات التلفزيون واللابتوب،
المعترضين في شوارع المدن العالميّة،
الناقمين على ما يجري في لبنان وسوريا وغزّة ومصر وليبيا،
المنتهين من مباريات لا طابة لنا فيها ولا شبكة،
الناشرين صورَ أشلاء الشهداء وآثار الدمار،
المحمّسين على القصف والقتال ونحن في غرف آمنة مبرّدة،
الثائرين على التخاذل العربيّ،
الغارقين في كسل مقاعدنا الصيفيّة،
الخائفين على رواتب آخر الشهر،
لو مشينا، مشينا فقط، لكانت الأرض اهتزّت تحت عروش من يقتل الأطفال.
لكنّنا لم نتفق بعد إلى أين نمشي!
***

ع درب السما في عجقة ولادْ
وملايكة ألله بتياب الْحدادْ
وكلّ مرّة إيد بتعلا ع ولد
بيجنّ ع عرش السما ربّ العبادْ



الخميس، 13 يوليو 2017

من يوميّات الفيسبوك 13 تمّوز

من كتبني في ضوئك حرفًا على سطر الوجود؟
م. ق
شجرة تسند سقف القمر أكثر دفئًا من أعمدة بلا سقف
م. ق

2010
لا أعتقد أنّ ثمّ بلدًا آخر يرتبط تأسيسه كدولة / لا تاريخه كوطن/ واحتمال بقائه بعمر بعض أبنائه الذين صنعوا بعض مجده. لذلك نجد أنفسنا أمام رحيل مبدع في أيّ مجال من مجالات العلم والأدب والفكر نعيد طرح السؤال عن مصير لبنان بعده، كأنّ هذا البلد هشّ إلى درجة أنْ نخشى عليه من التفتّت ما أن يغيب هؤلاء الذين واكبوا تأسيسه منذ ما يقارب السبعين سنة (مقالتي في النهار يوم الثلثاء بعنوان وطن من عمر أبنائه)

2012
ليس صحيحًا أن لا مفكّرين عند الموارنة اليوم
فهناك يللي مفكّر حالو شي مهمّ
ويللي عم يفكّر يغيّر سيّارتو
ويللي عم يفكّر يهاجر
ويللي عم يفكّر يبيع شقفة الأرض ت يعمل عرس لإبنو
ويللي عم يفكّر يشدّ صاحبتو ع التخت
ويللي عم يفكّر يضرب جارو لأنو مش من تيّارو السياسي
ويللي عم يفكّر بهاللحظة بالذات وين بدّو يسهر الليلة
وفي كتير غيرن مفكّرين بس ما رح إذكرن كلّن خوفًا من صيبة العين!

***
في مسبح لبنانيّ رائد يسمح للعاملات الآسيويّات بالدخول إلى حرمه،
رفضت الخادمة الفيليبينيّة السباحة في حوض واحد مع الخادمة السري لانكيّة
***
ما دامت الرفيقة بريجيت باردو تقتل الصرصار وتدلّل الحمار،
فسيبقى التمييز قائمًا.
***
عند كلّ صباح ثمّة من يذكّرني بأنّ
المسيح صلب بسببي
وأمّي تألّمت لتلدني
ووالدي ضحّى بالكثير ليعلّمني
والرجل الذي أحبّه تخلّى عن أمور كثيرة ليبقى إلى جانبي
والدولة تسهر من أجل راحتي
...
قبل فنجان القهوة الصباحيّ ثمّة جرعة من الإحساس بالذنب عليّ أن أتناولها
***
أنا لست ناشطة على الفايسبوك كما يصفني البعض،
أنا مدمنة على الكتابة
والفايسبوك جعلكم تكتشفون ذلك!
Top of Form
***
2014
صلاة يوم الأحد:
يا ربّ هل لك أن تجد لي بلدًا بعيدًا عن 
شعب الله المختار
وأبناء العهد الجديد
وخير أمّة أُخرجت للناس
وأشرف الناس
وأهل الحكمة
والمستقيمي الرأي
وأمّة الـ 365 قدّيسًا
إذ من الواضح إنّ الشعوب التي لا تعرفك - كهؤلاء - تعيش في نعيم
***
قالت المرآة للمرأة:
حين يترككِ ليفكّر فثمّة احتمال في أنّه يفكّر في تركك!
***
2015
أولى علامات الشيخوخة أن تتحوّل من إنسان يحلم إلى إنسان يتذكّر

***
2016
قالت لي العرّافة: ألا تريدين أن أقرأ لك كفّك كي أخبرك عن مستقبلك؟
قلت لها: أعرف مستقبلي حين يطبع من أحبّه قبلاته بين خطوط كفّيّ
لم تيأس وأضافت: أستطيع أن أقرأ في الرمل طالعك؟
أجبتها جازمة: هو تربتي التي تجذّرت فيها مذ وجدت، فما حاجتي إلى قصور الرمال؟
تابعت وهي تسأل: في كرتي الزجاجيّة قد أرى ما تحمله لك الأيّام المقبلة!
طمأنتها: في عينيه أثق بما ينتظرني إلى منتهى الأيّام!
ألحّت من جديد: يمكنني أن أرصد مزاجه بين تحرّكات الكواكب!
ابتسمت وأجبتها: أنا مزاجه الدائم!
وفي محاولة أخيرة عرضت أن تقرأ فنجان قهوتي، فضحكت وقلت لها:
لن أدعك تقرأين شفتيه!

***
صوتَكْ بالجبلْ تفّاحْ
وبالسهلْ ليمونْ
ومتلْ شهقةْ فجرْ
دقّ بالزيتونْ
صوتَكْ إلو ريحةْ أرضْ
غسّلا أيلول
ونغمة هوا مارق 
على الوزّالْ
وبس تسكتْ وما تقولْ
بيصير ضحكةْ ميّْ
رقصة فيّْ
رنّةْ حَلَقْ
رشّةْ حَبَقْ
ومتل المسيح 
الْقالْ استحي يا ريحْ!
ومرّاتْ صوتكْ بَردْ
وشجرهْ براسْ الجِردْ
ومرّات رغبةْ وردْ
ت ينقودو عصفورْ
وضحكةْ طِفلْ خلقانْ
مش فزعانْ
ودمعةْ بنتْ
صارتْ مَرْةْ
رِجّال بتحبّو

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.