عرفت دائمًا أنّني خبّأتها بين أوراقٍ لها تاريخ وعطر، ورسائل قليلة من أشخاص لا معرفة شخصيّة تربطني بهم، لكنّي عرفت بلا أدنى شكّ بأنّني يومًا سأعود إليها.
ربّما حين تحاول الخيبة أن تشدّ خناقها
ربّما حين تشتدّ وطأة الوحدة
ربّما حين لا يبقى سوى الكلمات، الكلمات التي آمنت بها مذ نطقت بالكلمة الأولى وليتني أعرف ما كانت...
البارحة، وفي خضمّ الرغبة في الاعتزال والانعزال، وفي ثورة غضب على مسودّات كتب وخواطر شعريّة ورسائل أردت التخلّص منها، وصلت رسالة الأستاذ الياس مطر من جديد... وصلت مرّة أخرى، بعد وصولها الأوّل، لتقول لي أنّ الرهان على الكلمات لا يخيّب الأمل، مهما بدا الأمل بعيدًا تحقّقُه. وبفضلها، بفضل هذه الرسالة، نجت مرّة أخرى تلك المسودّات والخواطر والرسائل من التمزيق، فقرّرت هذه المرّة أن أسمح لنفسي بنشرها، شاكرة ممتنة، فخورة، ممتلئة نعمة وزهوًا... مع محبّة كبيرة للأستاذ الياس مطر الذي لا أعرفه ولا يعرفني... ومع ذلك فقد التقينا بالشكل الأسمى والأنقى والأجمل!
وهذا نصّ الرسالة، مع الاعتذار عن عدم الاستئذان في نشرها!
فليسامحني مرسلها الكريم على أنانيّتي! فهو كبير آخر من بلادي، كتب عنّي وإليّ فصرتُ كبيرة!
تحيّة من كلّ مطارحي.
لقد تأخّرتُ يا سيّدتي في تعرّفك.
فأنت تكتبين في الصحف وأنا لا أقرأ الصحف ولا فيها.
أنت تكتبين في "النهار" لقرّاء النهار
وأنا أقرأ في الليل لمن يعلّمون ويتعلّمون في النهار.
وقد آخذت نفسي كثيرًا لأني لم أكتشفك من زمان. ولو حدث هذا من زمان لكنت قلت:
الآن صار عندي وقت للقراءة. لا أيّما قراءة بل تلك التي لها طعمُ الفكر ومِذاق الخيال ورائحة الوجدان ومَلْمس العطر وصورة اللحن العذب، ونغمة لون النسيم على الورق.
المهمّ أنّي تعرّفت أديبة في رَوَحٍ من دهرنا قلّ أدباؤه.
فشكرًا لك
الياس مطر
شكرًا لك الياس مطر، وفي عيد شفيعك اليوم أتمنّى لك العمر الطويل والمزيد من العطاء في التربية والأدب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق