2015
لمّا
افترقنا
ورجعت ع البيت
لقيت حالي
مش طايقه حالي
طلعت آخذني معك
وباقي لأهل البيت
جنب الحيط
كمشة عتب
وقعت من خيالي
ورجعت ع البيت
لقيت حالي
مش طايقه حالي
طلعت آخذني معك
وباقي لأهل البيت
جنب الحيط
كمشة عتب
وقعت من خيالي
***
إذا سأل أحد الضيوف الأجانب يللي مشرّفين ع مهرجاناتنا عن تلال
النفايات، رجاء قولولو:
اللبنانيين ما بيعرفوا شو يعني زباله، عملتلن الدولة معرض
بالصيف ت يتعرّفوا عليا كيف بتكون، وشو ألوانها، وشو ريحتها، وشو ضررها... ت
ينتبهوا ع النسيم العليل أحسن ما كلّ واحد منن يصير عليل...
ملاحظة: المعرض مستمرّ حتّى آخر يوم مهرجان بأزغر ضيعة بلبنان
2014
إلى بعضكنّ وبعضكم:
يا
جماعة/ فلسطين مش موضة، غزّة مش شعار، سوريا مش لعبة، العراق مش موقف لحظة، وليبيا
مش برميل نفط، عرسال مش قضية بلّشت مبارح والجيش مش غنيّة وفيديو كليب... المواضيع
كلّها متشابكة ومترابطة، فيها الفقر المدقع، وفيها العهر السياسيّ والفساد الماليّ
والخيانة، والتجارة والديكتاتورية، وعسكر ع مين وعكسر لمين، وميّة مصيبة وفضيحة
يعني مش اليوم لأنو
في فايسبوك وتويتر وغيرن صرنا بدنا نركب الموجة وحدة ورا التاني وننزل ببعضنا وعظ
وإرشاد
وكتابتي أنا
بالتحديد مش ع الطلب، يعني ما حدا بقا يراسلني ت
يسألني ليش ما كتبت عن غزّة، وليش ما جبت سيرة حلب، وليش ما دعيت لجمع مساعدات
لمسيحيي الموصل، وليش ما حطّيت شعار للجيش وليش ما بحكي سياسة وباخد موقف
الموقف
الوحيد يللي رح آخدو هوّي من يللي بعد بيتفلسفوا عليي:
_ واحد علماني، وع شوي
ملحد، بيدعي للحرية الجنسيّة، وبرمضان بيصوم ت ما تزعل إمّو
_ وحدة سهرانة
بالزيتونة بي، وبتدعم الجيش بشعار ع الفيسبوك وكانت مبارح عم تسبّ للعسكري بس
وقّفها ع الحاجز وما شالت عويناتها يللي كل ميلة منن قد بوز المدفع، وما نزّلت
القزاز كرمال المكيّف
_ واحد قاعد آخر الدني
وصورتو بالمايوه ع البيسبن ببيتو الفخم، ونازل فيي رسائل عن الكيان الصهيوني
وضرورة محاربتو وأنا هون تحملّت أربعين سنة حرب بسبب المؤامرة الصهيونيّة والغباء
اللبناني والبغاء العربي|
_ واحد ما بدّو نساعد
العراقيين، وواحد ما بدو نستقبل السوريين، وواحد ما بدو ينسى شو عملو فينا
الفلسطينيين...
وغيرن وغيرن، ما
بيعرفو خريطة فلسطين، ولا بيعرفو تاريخ لبنان، ولا بيعرفو وين النفط ووين الغاز
يا جماعة في ولاد عم
تنقتل، وفي فقر وقهر وحزن وخوف، في أوبئة وفي أمراض، في جهل وتطرّف وجهاد ونكاح
وموت بالجملة، في تهجير واغتصاب وصور مرعبة عن وحشيّة الإنسان، في وضع مش طبيعيّ،
وكلّ يللي هامم بعض الناس بوست أو تعليق كتبتو أو ما كتبتو!!! وإذا أنا مزوّجة أو
عزباء، ولمين عم بكتب حبّ!
عم بكتب حب ضد
الحرب، حب ضد القرف، حبّ ضد البشاعة، حبّ ضد التطرّف، حب ضد الجهل، حبّ ضد
الأنانية، عم بكتب حبّ لكلّ حدا ومش لحدا، ون كان لحدا ما حدا دخلو... إنتو إلكن
الشعر مش الشاعرة، والرواية مش الروائيّة
وبصريح
العبارة في كتير ناس ما عاد إلي خلق يطلعو قدّامي ولو بالصدفة، ت ما شوف جهلن
وعصبيّتن وصورن، وإذا بدّكن تعرفو أنا مع مين، أنا مع حالي وضد الكل!
يا عمي العمر قصير
شو جابرني ناقش ناس ما خصّا بيللي بكتبو!! ويللي بدّو يجاهد ويحارب ويقاوم ويدافع
يروح ع الجبهات وما في أكتر منن ببلادنا! بس رجاء ما حدا يوعظني!!
انتهى البيان...
تاري القلب بيدقّ
ت الحبّ يفتحلو
ويقلّو: شو ناطر فوت؟
ون بقيتْ مسكّرة
بواب الدني
وما حدا حبّو
بيسكت وبيموت
ت الحبّ يفتحلو
ويقلّو: شو ناطر فوت؟
ون بقيتْ مسكّرة
بواب الدني
وما حدا حبّو
بيسكت وبيموت
شلحتْ حالي
ولبسِتْ عينيكْ
لمّا ع خصري
تشيطنو إيديكْ
بعلمي هالجسم
جسمي
كيف شِكِلْ
ما عادْ عَمْ بيردّ
إلّا عليكْ؟
ولبسِتْ عينيكْ
لمّا ع خصري
تشيطنو إيديكْ
بعلمي هالجسم
جسمي
كيف شِكِلْ
ما عادْ عَمْ بيردّ
إلّا عليكْ؟
حين نلتقي
يعود الشهداء من قبورهم الباردة زهورًا بلا شوك
تزغرد الأمّهات الثكالى لأنّ الحبّ لم يمت
يمسح الأطفال الدم عن وجوهم ويتغامزون علينا هازجين
حين نلتقي
تزرع في أحشائي قصيدة فأنجب لك وطنًا
يعود الشهداء من قبورهم الباردة زهورًا بلا شوك
تزغرد الأمّهات الثكالى لأنّ الحبّ لم يمت
يمسح الأطفال الدم عن وجوهم ويتغامزون علينا هازجين
حين نلتقي
تزرع في أحشائي قصيدة فأنجب لك وطنًا
صلاة
يوم الأحد:
يا
يسوع! أيّها اللطيف في الزمن العنيف، المحبّ في أرض الحقد، الحزين حتّى الصلب...
ساعدني لأنقذ نفسي من جنون ما نحن فيه!
ساعدني لعلّني أستعيد قوّتي فأساعدك في حقولك اليابسة المتروكة للنار، وفي جمع قطيع غاب عنه الراعي، وفي قول الكلمة التي لم يقلها أحد بعد!
ساعدني لأحبّ بعدُ وأكثر ودائمًا!
آمين!
ساعدني لأنقذ نفسي من جنون ما نحن فيه!
ساعدني لعلّني أستعيد قوّتي فأساعدك في حقولك اليابسة المتروكة للنار، وفي جمع قطيع غاب عنه الراعي، وفي قول الكلمة التي لم يقلها أحد بعد!
ساعدني لأحبّ بعدُ وأكثر ودائمًا!
آمين!
2013
يهينني أن تقول لي إنّي نصفك الآخر... لم، ولن، أكون نصفًا
2012
ثمّة طفل خائف من الرصاص يندفع إلى صدر أمّه الآن وهو يصرخ:
بدّي ترجع المدرسة. المدرسة أحلى من الحرب
بدّي ترجع المدرسة. المدرسة أحلى من الحرب
الحبّ يللي ما بيرجعنا ولاد مش حبّ
فلنركع
ونقبّل الأرض شاكرين السموات على أنّنا لا نسمع كلّ يوم بعشرات الجرائم التي
يرتكبها مواطنون مهانون في الدوائر الرسميّة. فعلى الرغم من كل ما قيل ويقال،
ودحضًا للاتهامات التي تساق في حقّ اللبنانيّين وتلصق بهم صفات الغضب والانفعال
والميل إلى الإجرام والعنف، لا بدّ من الاعتراف بأنّ الشعب اللبنانيّ يعدّ للعشرة،
عشرات المرّات في اليوم، ويمنع نفسه عن الانجرار وراء غريزة الدفاع عن الكرامة،
ويرفض أن يرتكب جرائم جماعيّة في حقّ موظّفين يتلاعبون به ويحرقون أعصابه ويهينونه
ويسرقونه ويماطلونه و"يستغبونه". لا بل يحاول المواطن اللبنانيّ أن يجد
لهؤلاء المحنّطين على كراسي الوظيفة أسبابًا تخفيفيّة تجعله يغفر لنفسه تخاذله عن
الانتقام لنفسه أو تردّده في الصراخ مطالبًا بحقّه.
فأن تقصد مؤسّسة رسميّة عمل فيه الكثير من المخاطرة باستقرارك النفسيّ وبقايا كرامة نجت من الاعتداء عليها على حواجز القتل على الهوية أو عند المعابر بين المناطق المتقاتلة في سبيل الحريّة والسيادة والاستقلال. ومن أوّل شروط حصانتك ضدّ ما قد تتعرّض له أن تحسن توقيت توجّهك إلى أيّة دائرة رسميّة (طبعًا نحن لا نشير إلى دوام العمل في شهر رمضان). فخطأ جسيم تتحمّل وحدك نتائجه أن تذهب لإتمام معاملة قبل التاسعة صباحًا، وبعد الثانية عشرة ظهرًا، فقبل ذلك يكون الموظّف/ إذا كان في مكتبه/ لا يزال في حالة تأمّل صباحيّة صامتة تحضّره للانكباب على العمل ولذلك لا يحبّ أن يزعج سكينته أحد، وبعد انتصاف النهار يكون التعب قد أخذ منه كلّ طاقته فلا يعود في إمكانه أن يحرّك عضلة في وجهه ليبتسم لك فكيف تريد منه أن يحسن معاملتك و"يختمها"؟ أمّا الخطيئة الكبرى فأن يتزامن وصولك إلى الدائرة الرسميّة مع موعد توزيع القهوة عند العاشرة تمامًا، فهذا وقت مقدّس لا يعيق الاحتفالَ بطقوسه العملُ المكدّس، خصوصًا أنّ القهوة مش طيّبة بلا سيكارة، والسيكارة بدّها هواء طلق على الشرفة، والشرفة بدّها قعدة غير شكل. وإذا عاد الموظّف ولمح على وجهك أنّك غير راض عن تأخيره لك وأنّك بطريقة ما تتهمه بإعاقة معاملته أحالك إلى موظّف آخر يعرف سلفًا أنّه غير متوفّر اليوم للخدمة وعليك أن تعود في يوم آخر.
فأن تقصد مؤسّسة رسميّة عمل فيه الكثير من المخاطرة باستقرارك النفسيّ وبقايا كرامة نجت من الاعتداء عليها على حواجز القتل على الهوية أو عند المعابر بين المناطق المتقاتلة في سبيل الحريّة والسيادة والاستقلال. ومن أوّل شروط حصانتك ضدّ ما قد تتعرّض له أن تحسن توقيت توجّهك إلى أيّة دائرة رسميّة (طبعًا نحن لا نشير إلى دوام العمل في شهر رمضان). فخطأ جسيم تتحمّل وحدك نتائجه أن تذهب لإتمام معاملة قبل التاسعة صباحًا، وبعد الثانية عشرة ظهرًا، فقبل ذلك يكون الموظّف/ إذا كان في مكتبه/ لا يزال في حالة تأمّل صباحيّة صامتة تحضّره للانكباب على العمل ولذلك لا يحبّ أن يزعج سكينته أحد، وبعد انتصاف النهار يكون التعب قد أخذ منه كلّ طاقته فلا يعود في إمكانه أن يحرّك عضلة في وجهه ليبتسم لك فكيف تريد منه أن يحسن معاملتك و"يختمها"؟ أمّا الخطيئة الكبرى فأن يتزامن وصولك إلى الدائرة الرسميّة مع موعد توزيع القهوة عند العاشرة تمامًا، فهذا وقت مقدّس لا يعيق الاحتفالَ بطقوسه العملُ المكدّس، خصوصًا أنّ القهوة مش طيّبة بلا سيكارة، والسيكارة بدّها هواء طلق على الشرفة، والشرفة بدّها قعدة غير شكل. وإذا عاد الموظّف ولمح على وجهك أنّك غير راض عن تأخيره لك وأنّك بطريقة ما تتهمه بإعاقة معاملته أحالك إلى موظّف آخر يعرف سلفًا أنّه غير متوفّر اليوم للخدمة وعليك أن تعود في يوم آخر.
صارت
البهدلة قوتًا يوميًّا، لا، بل تحوّلت إدمانًا لا نستطيع تخيّل حياتنا من دونه:
فإن توقّفت على إشارة المرور بهدلك السائق خلفك لأنّك "عامل حالك نظاميّ"، وإن خالفت الإشارة بهدلك شرطيّ المرور لأنّك لا تفهم قوانين السير.
وإن اتصلت بطبيبك لتشكو له أعراضًا غريبة ومفاجئة بهدلك "لأنّو مصيبتك كبيرة وبتضلّ تزعجو"،
وإن كتمت علّتك وداويت نفسك وتدهورت حالك، بهدلك الطبيب نفسه لأنّك "مفكّر حالك حكيم وعم تعالج مشاكلك حتّى توفّر مصرياتك".
وإن كنت تلميذًا ونلت علامة منخفضة بهدلتك المعلّمة لأنّك كسول ولا تبذل أيّ جهد،
وإن بذلت جهودًا وارتفعت علامتك بهدلتك المعلّمة نفسها لأنّ أحدًا ساعدك في البيت أو لأنّك غششت في الامتحان.
ولكن أن تصير بهدلة الناس من شروط الوظيفة الرسميّة أو الإداريّة فهذا يعني أنّك لست زبونًا كي تكرّم كما في المطاعم والفنادق والمحال التجاريّة، بل مزعج ثقيل الدم لن تقدّم أو تؤخّر في راتب أحد.
والطامة الكبرى أنّ المواطن لا يستطيع أن يحزر متّى سيكون عرضة للبهدلة كي يستعدّ نفسيًّا، فعالم الإدارات الرسميّة غابة مسكونة لا يُعرف متى يحلّ فيها الليل وتخرج شياطين العالم السفليّ لترعب بني الأنس. أخبرتني سيّدة اضطرّت إلى "تخليص" معاملتها بنفسها أنّها فتحت حقيبة يدها لتتناول منديلاً ورقيًّا، فصرخ بها الموظّف بشراسة: شو عم تعملي؟ من فضلك سكّري جزدانك. وحين أجابته وهي لم تفهم بعد سبب حنقه عليها: آخذ محرمة. هل هذا ممنوع؟ أجاب: "حسّبتك عم تعملي شي تاني".
فإلى المتوجّهين اليوم لإتمام معاملة رسميّة، تذكّروا أنّكم لستم زبائن كي تكونوا دائمًا على حقّ.
أنتم مجرّد مواطنين في دولة بلا قوانين.
فإن توقّفت على إشارة المرور بهدلك السائق خلفك لأنّك "عامل حالك نظاميّ"، وإن خالفت الإشارة بهدلك شرطيّ المرور لأنّك لا تفهم قوانين السير.
وإن اتصلت بطبيبك لتشكو له أعراضًا غريبة ومفاجئة بهدلك "لأنّو مصيبتك كبيرة وبتضلّ تزعجو"،
وإن كتمت علّتك وداويت نفسك وتدهورت حالك، بهدلك الطبيب نفسه لأنّك "مفكّر حالك حكيم وعم تعالج مشاكلك حتّى توفّر مصرياتك".
وإن كنت تلميذًا ونلت علامة منخفضة بهدلتك المعلّمة لأنّك كسول ولا تبذل أيّ جهد،
وإن بذلت جهودًا وارتفعت علامتك بهدلتك المعلّمة نفسها لأنّ أحدًا ساعدك في البيت أو لأنّك غششت في الامتحان.
ولكن أن تصير بهدلة الناس من شروط الوظيفة الرسميّة أو الإداريّة فهذا يعني أنّك لست زبونًا كي تكرّم كما في المطاعم والفنادق والمحال التجاريّة، بل مزعج ثقيل الدم لن تقدّم أو تؤخّر في راتب أحد.
والطامة الكبرى أنّ المواطن لا يستطيع أن يحزر متّى سيكون عرضة للبهدلة كي يستعدّ نفسيًّا، فعالم الإدارات الرسميّة غابة مسكونة لا يُعرف متى يحلّ فيها الليل وتخرج شياطين العالم السفليّ لترعب بني الأنس. أخبرتني سيّدة اضطرّت إلى "تخليص" معاملتها بنفسها أنّها فتحت حقيبة يدها لتتناول منديلاً ورقيًّا، فصرخ بها الموظّف بشراسة: شو عم تعملي؟ من فضلك سكّري جزدانك. وحين أجابته وهي لم تفهم بعد سبب حنقه عليها: آخذ محرمة. هل هذا ممنوع؟ أجاب: "حسّبتك عم تعملي شي تاني".
فإلى المتوجّهين اليوم لإتمام معاملة رسميّة، تذكّروا أنّكم لستم زبائن كي تكونوا دائمًا على حقّ.
أنتم مجرّد مواطنين في دولة بلا قوانين.
2011
أناشيد الصراع
رندحت المرأة لنفسها:
ينمو في رحمي جنين من برج السرطان.
يشرب من دمي
يأكل من لحمي
يتمدّد في جسدي
وينمو على حساب صحّتي.
حملت به وأنا لم أعرف رجلاً
ولم يبشّرني به ملاك
وعوضًا عن أن أضعه بين يدي الحياة
كما تفعل الأمّهات
رماني هو بين براثن الموت
كأنّي لست أمّه
وليس هو طفلي الوحيد.
*****
قال له الطبيب: أنت مصاب بالمرض الخبيث.
سأله المريض: وهل هناك أمل.
أجاب الطبيب بعد تردّد: فليكن إيمانك قويًّا.
في الطريق إلى المنزل قام الرجل بعمليّة حسابيّة بسيطة فاكتشف أنّ المسكّنات التي وصفها له الطبيب ستحرم أطفاله من وجبة طعام كلّ يوم، ومن ثياب جديدة على العيد، ومن الذهاب إلى المدرسة. وفجأة صار الرجل شاعرًا.
وصل إلى بيته، كتب رسالة يودّع فيها أطفاله وزوجته ويوصي أخاه بالاهتمام بالعائلة، ثمّ أطلق رصاصة على السرطان المقيم في رأسه. فزال الألم.
******
ثلاث فتيات صغيرات مصابات بالسرطان، والصبيّ الوحيد في العائلة على لائحة الانتظار. ماتت الفتاة الأولى، تعبت الأمّ من العلاج والبكاء والكلام والفقر والمرض والمعاملات الإداريّة في المستشفيات والمؤسّسات الاجتماعيّة والإنسانيّة، صعدت إلى سطح المنزل ورمت نفسها، فطارت إلى حيث الصمت.
******
ينتشر مرض السرطان بيننا كما ينتشر في جسم كلّ مريض: بخبث ولؤم وحقد. الأطفال الذين يعتمرون القبّعات ليخفوا صلع رؤوسهم صاروا أكثر من شهداء حروبنا الأهليّة ومع ذلك لا يرد ذكرهم في خطابات السياسيّين. هل هي قبّعات الإخفاء التي ورد ذكرها في الحكايات يختفي من يضعها على رأسه ليهرب ويعيش كما يحلو له؟ لماذا لا نجمع الشعر المتساقط على أكتافهم النحيلة ونضعه في أكياس من ملاءات بيضاء بلون المرض ونصنع وسائد ترتاح عليها رؤوس حكّامنا وقادتنا وزعمائنا؟ لماذا لا نجمع دموع الأمّهات ونصنع منها أسرّة مائيّة متراقصة يتمدّد فوق سخونتها أمراؤنا وملوكنا ورؤساؤنا المصابون بصقيع القلب؟ لماذا لا نصنع من حرقة الآباء جمرًا يكلّل أراكيل نوّابنا ووزرائنا ورؤساء أحزابنا؟
هل جلستم يومًا مع طفل مصاب بالسرطان؟ هل استمعتم يومًا إلى صمت مراهقة مصابة بالسرطان؟ هل استطعتم الإجابة على أيّ سؤال من أسئلة الصغار الذين جعلهم المرض الخبيث كبارًا قبل الأوان؟
******
صرخت الطفلة المريضة وهي خائفة: ما تكبّوني، ما تكبّوني (لا ترموني، لا ترموني). بكى الجميع وقال لها من استطاع الكلام: لن نفعل، لا تخافي، وهل يعقل أن نرميك؟ بكت الطفلة وقالت: ولكنّي أعذّبكم.
آه يا طفلتي الصغيرة، لو تعلمين كم تعذّبيننا لأنّك تتعذّبين، ولأنّك خائفة، ولأنّك مريضة، ولأنّك نحيلة، ولأنّك طفلة، ولأنّك صغيرة، ولأنّك حائرة، ولأنّك عاجزة، ولأنّك موجوعة.
آه يا طفلتي الصغيرة، لو تعلمين كم يعذّب بكاء الأطفال، وكم تدمي القلب علامات الاستفهام المرسومة في عيونهم الصفراء، وكم يجرح الروح نحول أجسامهم القاطع كحدّ الخنجر.
******
أمام الأطفال المرضى، والآباء الذين يفضّلون الموت على العلاج المكلف، والأمّهات اللواتي ينتحرن من ثقل الهمّ وثقل المسؤوليّة وأنين الألم، أمام كلّ ذلك، لا أعلم أيّ شيء يستحقّ أن نتقاتل من أجله؟ ومن أجل أيّ واحد منهم نتشدّق بأنّنا نسعى لبناء الوطن؟
يشرب من دمي
يأكل من لحمي
يتمدّد في جسدي
وينمو على حساب صحّتي.
حملت به وأنا لم أعرف رجلاً
ولم يبشّرني به ملاك
وعوضًا عن أن أضعه بين يدي الحياة
كما تفعل الأمّهات
رماني هو بين براثن الموت
كأنّي لست أمّه
وليس هو طفلي الوحيد.
*****
قال له الطبيب: أنت مصاب بالمرض الخبيث.
سأله المريض: وهل هناك أمل.
أجاب الطبيب بعد تردّد: فليكن إيمانك قويًّا.
في الطريق إلى المنزل قام الرجل بعمليّة حسابيّة بسيطة فاكتشف أنّ المسكّنات التي وصفها له الطبيب ستحرم أطفاله من وجبة طعام كلّ يوم، ومن ثياب جديدة على العيد، ومن الذهاب إلى المدرسة. وفجأة صار الرجل شاعرًا.
وصل إلى بيته، كتب رسالة يودّع فيها أطفاله وزوجته ويوصي أخاه بالاهتمام بالعائلة، ثمّ أطلق رصاصة على السرطان المقيم في رأسه. فزال الألم.
******
ثلاث فتيات صغيرات مصابات بالسرطان، والصبيّ الوحيد في العائلة على لائحة الانتظار. ماتت الفتاة الأولى، تعبت الأمّ من العلاج والبكاء والكلام والفقر والمرض والمعاملات الإداريّة في المستشفيات والمؤسّسات الاجتماعيّة والإنسانيّة، صعدت إلى سطح المنزل ورمت نفسها، فطارت إلى حيث الصمت.
******
ينتشر مرض السرطان بيننا كما ينتشر في جسم كلّ مريض: بخبث ولؤم وحقد. الأطفال الذين يعتمرون القبّعات ليخفوا صلع رؤوسهم صاروا أكثر من شهداء حروبنا الأهليّة ومع ذلك لا يرد ذكرهم في خطابات السياسيّين. هل هي قبّعات الإخفاء التي ورد ذكرها في الحكايات يختفي من يضعها على رأسه ليهرب ويعيش كما يحلو له؟ لماذا لا نجمع الشعر المتساقط على أكتافهم النحيلة ونضعه في أكياس من ملاءات بيضاء بلون المرض ونصنع وسائد ترتاح عليها رؤوس حكّامنا وقادتنا وزعمائنا؟ لماذا لا نجمع دموع الأمّهات ونصنع منها أسرّة مائيّة متراقصة يتمدّد فوق سخونتها أمراؤنا وملوكنا ورؤساؤنا المصابون بصقيع القلب؟ لماذا لا نصنع من حرقة الآباء جمرًا يكلّل أراكيل نوّابنا ووزرائنا ورؤساء أحزابنا؟
هل جلستم يومًا مع طفل مصاب بالسرطان؟ هل استمعتم يومًا إلى صمت مراهقة مصابة بالسرطان؟ هل استطعتم الإجابة على أيّ سؤال من أسئلة الصغار الذين جعلهم المرض الخبيث كبارًا قبل الأوان؟
******
صرخت الطفلة المريضة وهي خائفة: ما تكبّوني، ما تكبّوني (لا ترموني، لا ترموني). بكى الجميع وقال لها من استطاع الكلام: لن نفعل، لا تخافي، وهل يعقل أن نرميك؟ بكت الطفلة وقالت: ولكنّي أعذّبكم.
آه يا طفلتي الصغيرة، لو تعلمين كم تعذّبيننا لأنّك تتعذّبين، ولأنّك خائفة، ولأنّك مريضة، ولأنّك نحيلة، ولأنّك طفلة، ولأنّك صغيرة، ولأنّك حائرة، ولأنّك عاجزة، ولأنّك موجوعة.
آه يا طفلتي الصغيرة، لو تعلمين كم يعذّب بكاء الأطفال، وكم تدمي القلب علامات الاستفهام المرسومة في عيونهم الصفراء، وكم يجرح الروح نحول أجسامهم القاطع كحدّ الخنجر.
******
أمام الأطفال المرضى، والآباء الذين يفضّلون الموت على العلاج المكلف، والأمّهات اللواتي ينتحرن من ثقل الهمّ وثقل المسؤوليّة وأنين الألم، أمام كلّ ذلك، لا أعلم أيّ شيء يستحقّ أن نتقاتل من أجله؟ ومن أجل أيّ واحد منهم نتشدّق بأنّنا نسعى لبناء الوطن؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق