الأحد، 30 أغسطس 2015

MaSaHa في معرض عربات الزهور في زحلة: توأمة الكلمة والزهرة

ندى ويارا زهرتان في ضيافة المهرجان






      MaSaHa في معرض عربات الزهور في زحلة: توأمة الكلمة والزهرة
مرحلة جديدة من مشروع توأمة الكلمة والزهرة الذي أطلقته شركة  MaSaHaينطلق اليوم مساء عبر بولفار مدينة زحلة.
-       فللمرّة الأولى في تاريخ مهرجان عربات الزهور، تتعاون بلديّة زحلة مع شركة متخصّصة في تنسيق الأزهار من أجل إضفاء طابع محترف وجديد وحديث على هذا الحدث الفنيّ. لذلك اختارت MaSaHa أن تكرّم سعيد عقل فتجعل ثمانية من كتبه مواضيع للعربات المشاركة، على أن تقوم الجمعيّات المشاركة في المهرجان بتنفيذ التصميمات، بإشراف مباشر من صاحبَي MaSaHa الدكتور مارون أبو خير والدكتور سماح داغر، بالتعاون مع المهندس هادي سلامة.
وبحسب الكتيّب الذي أعدّه المنظّمون، نجد الكتب والجمعيّات والأفكار كالتالي:
1-             العربة الأولى: من تنفيذ نادي التضامن، تحمل اسم "المجدليّة" وهو كتاب سعيد عقل الثاني، بعد "بنت يفتاح" (1937). في الشجرة/ المرأة هنا، ما هو أعمق وأبعد من الأغصان والأوراق والثمر. فيها جذور تطال السماء بقدر ما تمتدّ عميقًا في الأرض...
2-              العربة الثانية: من تنفيذ كشّاف التربية الوطنية وهي على اسم مسرحيّة لسعيد عقل (1944)، وتحمل عنوان قدموس رجل الحرف والشجاعة الذي يرمز إلى الطموح اللبنانيّ والإرادة، وإلى الرسالة الإنسانيّة التي يؤدّيها لبنان، رسالة المعرفة والهداية.
3-           العربة الثالثة: من تنفيذ الكشّاف المارونيّ وهي مستوحاة من كتاب رندلى (1960). في الديوان قصيدتان عن اليخت وهي فكرة جديدة في الشعر، فاختير الشراع رمزًا للسفر والحريّة والحبّ. لون الشراع ليلكيّ بلون فسطان رندلى، والأقحوان الأبيض زبدٌ فوق موج الرغبة المقدّسة.
4-           العربة الرابعة: من تنفيذ دار الصداقة عنوانها: أجمل منك؟ لا (1960). الحبّ عند شاعرنا رفيقُ الصباح حيث الحياة والفرح والعلنيّة. والمرأة عظيمة وراقية حتّى أنّ الشمس وحدَها تليق بها جوهرة وحلية. التصميم هذه العظمة بألوان قويّة كالأحمر والأصفر، واستخدم الزجاج ليبرز قدرة المرأة/ الشمس على الإشعاع بالفكر والجمال.
5-             العربة الخامسة:  من تنفيذ جمعيّة "شعاع الأمل" استنادًا إلى كتاب "لبنان إن حكى" (1960). اختيرت الريشة رمزًا لكلّ إبداع في الفنّ والعلم أضاء عليه سعيد عقل في كتابه هذا. فالريشة إذًا شعاع أمل، تجسّد رغبة الشاعر في رسم تاريخ لبنان بمختلف ألوانه وأطيافه بريشة العزّ والمجد.
6-           العربة السادسة: من تنفيذ الكشّاف المارونيّ، من وحي كتاب "كأسٌ لخمرٍ" (1961). اختير القمح رمزًا، حتّى لكأنّ سعيد عقل، يقف على بيدر الأدب ليجعل القمح خبزًا يكمّل مائدة الخلاص إلى جانب كأسٍ لخمر الحياة الجديدة. والأطر الخمسة تشير إلى ثورة سعيد عقل الأدبيّة داخل قوانين اللغة وشروط العقل والفكر.
7-             العربة السابعة: من تنفيذ طلائع العذراء، ومن وحي كتاب أجراس الياسمين (1971). وهو ديوان شعر يغنّي الطبيعة بغرابة فريدة وبحدّة حِسّ وذوق. اختيرت قصيدة دموع الحجر تحديدًا، وجاءت الدمعة الضخمة التي يبدو لها ثقل الحجر ووزنه، لكن لها أيضًا شفافيّة الدمع ورقّته. أليس شعر سعيد عقل بمثل تلك الصلابة وزنًا وتعبيرًا، وبمثل تلك الرقّة عاطفة وخيالًا؟
8-           العربة الثامنة: من تنفيذ الكشّاف المارونيّ وتحمل اسم كتاب "كما الأعمدة" (1974). اختيرت ثلاثة أعمدة: عمود من الغار رمز الانتصار، وعمود من الريحان رمز الرائحة الطيّبة، وعمود من الخرنوب رمز الطبيعة اللبنانيّة الخيّرة المعطاء. وبين هذه الأعمدة، يجري نهر الذهب/ وهو عنوان قصيدة من الديوان/. نهر تتماوج مياهه مع تغيّرات الحياة وتبدّل الفصول، بين خضرة الأرض وصفرة الذهب، كأنّ مياهنا هي الكنز وهي الثروة وهي الحياة.
مع الإشارة إلى أنّ الأبيات والقصائد التي اختيرت من الكتب المشار إليها ستكون بصوت الأستاذ أندريه أبو عديله، وستكون عريفة المهرجان السيّدة بريجيت أندريه عطا، وذلك بإشراف استديو أندريه عطا حيث تمّ التسجيل.
تؤكّد MaSaHa ، بحسب تعبير سماح داغر، على الأمور التالية:
 -  توأمة الكلمة والزهرة وهو المشروع الذي أطلقناه لنشر الوعي والجمال في مختلف وسائل التعبير عنهما.
-       التعريف بلغة الزهور وسائر عناصر الطبيعة، في صورة لم يعتدها اللبنانيّون، وعدم حصرها في الأعراس.
-        مقاومة البشاعة المستشرية حولنا بمشاهد تجمع بين الرقي والبساطة.
-       التعاون مع الجمعيّات في المنطقة لنشر ثقافة السلام.

ويشير داغر إلى أنّ الصعوبات التي واجهت شركتهما في بداية إطلاق الفكرة كانت في إقناع المشاركين في التنفيذ بوجوب الابتعاد عن الأفكار التقليديّة. ولكن مع الوقت، اكتشف كيف أنّ الجمعيّات، وفيها عناصر شبابيّة يافعة، تقبلت الأفكار الجديدة، ووجدت أنّ عالم تنسيق الزهور أوسع بكثير من مجرّد وضع الأزهار على عربة.
اليوم مساء، ستكون مغامرة MaSaHa أمام اختبار الشارع، في تظاهرة جماليّة فنيّة شعريّة، تكرّم سعيد عقل الذي لم يعرف الخنوع والخضوع، والذي تميّز شعره بالفرح والعزّة والسموّ والكِبَر، والذي لم يعشق سوى لبنان، ولم يعلّم إلّا الجمال.

السبت، 29 أغسطس 2015

سنة دراسيّة جديدة... شعارها رؤوس مقطوعة ونساء للبيع (آب 2014)


 حصّة تعليم اللغة العربيّة في مسرح المدرسة

المتعلّمون هم أبطال الخشبة

     تبدأ سنة دراسيّة جديدة في فلسطين وسوريا ولبنان والعراق وليبيا... سنة دراسيّة جديدة لدروس قديمة في الرياضيّات والأدب والشعر والعلوم والرياضة والموسيقى...
     سنة دراسيّة جديدة... بمناهجَ قديمة ومعلّمين يقولون ما لا يؤمنون به ولا يشعرون به...
     مناهج قديمة تعلّم أنّ واحدًا زائدًا واحدًا يساويان اثنين، مع العلم أنّ طفلًا قتيلًا وطفلة قتيلة يساويان مجزرة، وأنّ بيتين مهدومين يساويان عشرات النازحين والمشرّدين...
     مناهج قديمة مختبرُ العلوم وتشريح الحيوانات المسكينة فيها لا شيء بالمقارنة مع مشهد ذبح وقطع أعضاء تبثّه وسائل الإعلام العاهرة...
     مناهج قديمة تتباهى بأنّ امرأ القيس - الملك العربيّ الضليل - أوّل من وقف واستوقف وبكى واستبكى حين أنشد قفا نبكِ، متناسية أنّ أبا نواس - الفارسيّ حفيد علماء الفلك - حين سخر منه داعيًا إيّاه إلى الجلوس، كان يعرف أنّ ليل البكاء العربيّ طويل...
     مناهج قديمة تدعو تلامذتها إلى ممارسة الرياضة لأنّ العقل السليم في الجسم السليم... وتتناسى أنّ الرياضة الوحيدة المطلوبة الآن - للنجاة من الغرق في بحر الدم - هي الجري إلى أقرب بلد آمن...
     مناهج قديمة تعلّم تلامذتها مناهج اقتصاديّة حديثة، ولا أهل يملكون قيمة القسط وثمن الكتب...
     مناهج قديمة تعلّم حبّ الوطن لأولاد لا يعرفون الآن أين تبدأ حدود أوطانهم وأين تنتهي...
     مناهج قديمة تدعو الأولاد إلى عدم قطع الأشجار (قطع الرؤوس مسموح) وإلى عدم التدخين (حرق الكنائس والمعابد مسموح) وإلى احترام المرأة (بيع النساء مسموح) وإلى احترام رأي الآخر (اضطهاده مسموح) وإلى احترام جسد الآخر (تعذيب الأسرى مسموح والتنكيل بالجثث مسموح)...
*****
     لا أعرف إن كان ثمّة مدرسة ستبدأ السنة بالوقوف دقائق صمت وصلاة من أجل الذين غابوا عن مقاعدهم... أو إن كان ثمّة إدارة ستوعز إلى معلّميها كي يتناسوا المنهج الرسميّ هذه السنة للتركيز على مفاهيم الحقّ والخير والجمال، وللحديث عن حبّ الحياة لا تقديس الموت، ولمناقشة أمور الفكر والطبّ والشعر لا لحفظ عن ظهر قلب لا ينتج سوى أغبياء ومكبوتين ومشاريع مجرمين...
     لا أعرف إن كان ثمّة مدير سيقول لتلامذته هذه السنة: الكلام في السياسة والدين ممنوع، لأنّنا رأينا إلى أين وصلنا بسبب فهمنا الخاطئ لهما... لذلك دعونا نتكلّم في الفنّ والمسرح والأغنية وآخر علاج لمرضى السرطان...
     لا أعرف إن كان ثمّة وزير تربية سيجرؤ على القول: المناهج التربويّة التي اعتمدناها أنتجت أفرادًا متفوّقين ومجتمعًا مريضًا... فلنعكس الأمر ولنسعَ إلى مجتمع متفوّق بأفراد أصحّاء... يقدّسون البشر لا الحجر، يؤمنون بأنّ الكتب أصدق إنباء من السيوف، في متونها جلاء الشكّ والريب... فلنعلّم تلامذتنا كيف يحاكمون وسائل الإعلام التي تشوّه نفوسهم وعقولهم... وكيف يناقشون معلّميهم بحريّة ومسؤوليّة وشجاعة، وكيف ينظرون إلى المنهج كوسيلة، وإلى الشهادة كوسيلة، وإلى النجاح كوسيلة... كلّها تصبّ في خدمة الآخر...
      ولكن ما أعرفه وأكاد أجزم به هو التالي:
     إن وُجد مدير مدرسة يرغب في كلّ ذلك، فسيواجهه فريق معلّمين لا يجرؤون على الخروج عن السطر المرسوم في الكتاب، وطغمة أهل يخشون على أولادهم من عدم حمل ورقة نجاح تطير مع الريح عند أول اختبار حقيقيّ...
     وإن وُجد معلّم يقول لتلامذته: أنتم المقدّسون، لا الجرس ولا الناظر ولا الامتحان ولا النصّ ولا الكتاب ولا المدير ولا أنا... فسوف يطرد لأنّه خالف الشرع والشريعة...
      وإن وُجد تلميذ يفكّر في جوقة مردّدين، فسوف يطلب منه الانضمام إلى القطيع وإلّا فليرحل...
     سنة دراسيّة جديدة؟؟ أكاد أقول سنة دراسيّة أخرى محكومة بمشاهد جديدة للقتل والذبح والسبي والتهجير والفساد... أمّا موضوع الإنشاء فسيبقى هو هو: صِفْ الطبيعة في فصل الربيع...

     والويل لمن يأتي على ذكر الربيع العربيّ... 

الأربعاء، 19 أغسطس 2015

حمار للبيع (2009)




     أراد بو سعيد أن يتخلّى عن حماره بعد عِشرة عمر استمرّت أكثر من ثمانية عشر عامًا.
    كبر الرجل في العمر وتعب من العمل وضجر من قحط الأرض، فقرّر أن يعتزل الزراعة ويتسمّر أمام التلفزيون آملاً في أن يربح في اللوتو أو اليانصيب. ولذلك كان من الطبيعيّ أن يتخلّص من حماره العجوز الذي بات يرهقه بنهيقه المزعج ويثقل كاهله بمصروف علفه، خصوصًا أنّ المسكين تقوّس ظهره من حمل أكياس الزيتون وتنك الزيت طوال مدّة خدمته، فضلاً عن الخضار والفاكهة. لكنّ التحرّر من المسؤوليّات تجاه الحمار العاجز لم يكن بالأمر السهل، فمن قد يرغب في شراء حمار، خاصّة إذا كان هذا الحيوان معتادًا العيش على أطراف العاصمة ويتنقّل بين السيّارات ويتفرّج على أولاد الذوات؟
    بدأت المفاوضات مع أهل القرى وسكّان الجبل العاملين في الزراعة لعلّ أحدهم يريح الحمار من صاحبه الناقم ويريح الرجل من حماره العجوز. وواجهت عمليّة البيع مسألة أساسيّة: كم سيكون ثمن الحمار ومن يمكنه تحديد السعر؟ فسوق الحمير لا علاقة لها بأسواق المال والبورصة، وبالتالي على كلّ من البائع والشاري أن يحدّدا المبلغ المناسب على نحو لا يثير سخرية متتبّعي الخبر والمراقبين من سكّان البلدات القريبة من بيروت حيث يقيم الحمار، ولا سكّان القرية الجبليّة التي سينتقل إليها ليتابع تحميل الخضار والفاكهة. فإن كان السعر زهيدًا تعرّض البائع للسخرية لأنّ رفقة الحمير أساءت إلى أحكامه، وإن كان مرتفعًا سخر الناس من الشاري لأنّه في عصر الحداثة والآليّات المتطوّرة دفع مبلغًا كبيرًا ثمنًا لـ"حمار" موديله قديم وجسمه تعب وأيّامه معدودة.
      استمرّت المفاوضات أيّامًا عديدة، استشار خلالها المعنيّون بالأمر مزارعين وتجّارًا لعلّهم يصلون إلى تحديد الثمن العادل الذي تستحقّه خدمات الحمار. وفي هذا الوقت بدأ اصحابه يستعيدون ذكرياتهم معه، والأمراض التي عانى منها، والحوادث التي وقعت له. وأخذوا يتذكّرون كيف كانوا يهرّبونه خلال الحرب خوفًا من القصف، وكيف كانوا يخبّئونه عن أعين المقاتلين خشية أن يأخذوه ويعذّبوه بغية التسلية والانتقام، وكيف كانت أزقّة البلدة تشهد عند كلّ غروب اللقاء التاريخيّ بين بو جريس العائد من حقله، محمِلاً حماره خضارًا وفاكهة سلمت من السرقة، وهواة رياضة المشي المنطلقين بثيابهم الأنيقة جماعات جماعات. كان ينظر إليهم ساخرًا من "قلّة عقولهم" وينظرون إليه مستغربين شكله العتيق. ثمّ يتابع الرجل طريقه وهو يفكّر كيف أنّه يتعب في العمل ويريد أن يرتاح وكيف يبحث هؤلاء عن التعب في الرياضة. وابتسم حين خطر له أن يعرض عليهم العمل في أرضه بدلاً من المشي على الطريق، لكان استفاد واستراح ولكانوا تعبوا وأصبحوا أكثر نحافة. غير أنّه صمت، وكبر، وضجر من نهيق الحمار وصار يريد أن يرتاح ولن يرتاح ما لم يبع الحمار ويتخلّص من مسؤوليّته تجاهه.
    مع مرور الأيّام وتعثّر عمليّة البيع توتّرت العلاقة بين الرجل وحماره، فصار الأوّل يكثر من الصراخ والشتائم، والثاني من النهيق والرفس، وبات على العائلة أن تجد حلاًّ مشرّفًا ولو اضطرّت إلى دفع المال لمن يرغب في خدمات الحمار. وبعد اجتماعات مكثّفة وبعدما طال الانتظار قرّر الجميع إطلاق سراح الحيوان المسكين في غابة بعيدة، والتبرّؤ منه والتنكّر له في حال السؤال، وأن يقولوا لمن يصرّ على معرفة إن كان الحمار المتنزّه وحيدًا في الغابات والبساتين هو حمارهم: " ولو! شو ما في حمير إلاّ عنّا؟".

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.