السبت، 29 يناير 2011

كلمات من أجل مصر






1- معرض الكتاب الذي كان من المقرّر افتتاحه اليوم لن يتعرّض للسرقة. للحرق ربّما. لكن لا للسرقة. فالذين يسرقون لا يعنيهم أمر الثقافة والكتب والمعرفة والفكر، والذين يحرقون من سلالة هولاكو وجنكيزخان ونيرون. الكتب تئنّ من الوحدة في المعرض المغلق، يتّكئ الكتاب على الآخر، يسند أحدهما الثاني وتتبادل كلّها الآراء حول ما يجري في الشارع، تقفز أسماء المؤلّفين والشخصيّات من على الأسطر، تخرج من الصفحات، تغادر الكتب، تنزل عن الرفوف، تجتمع في الممرّات، وتؤدّي الصلاة كي ينتهي هذا الجنون.
***
2- تقف الفتاة المصريّة الجميلة على حافة نهر النيل وتسأل المياه الباكية: إن رميت نفسي في النهر ضحيّة لك يا نيلنا العظيم كما كان يفعل أجدادي حين كانوا يقدّمون إليك الذبائح كي تفيض عليهم بالخير، هل تقبل تضحيتي وتغمر أرض مصر بالمياه قبل أن تسيل دماء أبنائها في الشوارع؟
***
3- مصر أمّ الدنيا، يقول المصريّون. وأمّهات مصر كيف يشعرن في مثل هذه الظروف؟
كالأمّهات في العالم كلّه: ينتظرن عودة أولادهنّ سالمين إلى أحضانهنّ، وهنّ يفكّرن في من سينقذ مصر ممّا هي فيه إن بقي الأولاد في الأحضان. من الأغلى: الوطن أم الولد؟
هي مأساة الإنسان مذ اكتشف معنى الوطن.
***
4- كنت أظنّ أنّ المسيحيّين سيهربون قبل غيرهم من مصر حين كتبتُ منذ أيّام عن الهرب إلى مصر ومنها.
الشرّ لا يوفّر أحدًا، والغضب يطاول الجميع، والفوضى لا دين لها.
***
5- غريب أمر الإعلام العربي: يهلّل الإعلاميّون للخلاص من نظام في دولة ما ويخضعون لنظام مشابه في بلد آخر!

الأربعاء، 26 يناير 2011

الهرب إلى مصر، الهرب من مصر



اختار الربّ للعائلة المقدّسة التي تتكوّن من يسوع ابنه ومريم ويوسف أن تهرب إلى مصر حين تهدّدها الخطر في فلسطين. كانت مصر تحمي في ذلك الزمن، زمن الخلاص. اليوم يهرب المسيحيّون من مصر، أو على الأقلّ يفكّرون في ذلك.
يبدو الأمر مخيفًا حين نعرضه بهذه البساطة.
أعيد قراءة السطرين الأوّلين وأكتشف كيف يمكن أن تتغيّر الأمور في وقت قصير بالنسبة إلى الزمن، ويصير المواطن المصريّ القبطيّ غريبًا في دولة تعرّف عن نفسها بأنّها دولة إسلاميّة. هكذا صار المسيحيّ في كلّ بلد عربيّ: حالة عابرة، مهاجرًا مع وقف التنفيذ، مشروع هرب ينتظر تأشيرة دخول بعدما أخرجه التعصّب من جلده وأرضه ومن بين "ناس" كان يؤمن بأنّهم أهله و"ناسه".
أخطأ المسيحيّون، الكثير من المسيحيّين، في رصد ما يجري في المنطقة، ولعلّ خطأهم الأكبر كان حين اعتبروا قضيّة فلسطين قضيّة تخصّ المسلمين وحدهم. ولكنّ المسلمين أخطأوا كذلك، أخطأوا في إبعاد المسيحيّين عن القضيّة الأساسيّة وعن كلّ ما تولّد عنها، وعن الحكم والإدارة والسياسة. ومن الواضح أنّ ما يجري الآن في مصر والأردن والعراق ولبنان وتونس والجزائر واليمن يشير إلى تغيّرات جذريّة قد تصيب العالم العربيّ، ومن الواضح كذلك أنّ المسيحيّين مشغولون عن ذلك بإعداد حقائب الرحيل.

الجمعة، 21 يناير 2011

منزل من نساء (النصّ الخامس والأربعون من كتابي رسائل العبور - 2005)



Leonid Afremov


ترتّب النساء ملابسه في الخزانة
يضعن الجوارب في مكان
والملابس الداخليّة في مكان
والقمصان في مكان
تمتدّ أيديهنّ إلى السرير
يداعبن الغطاء والوسادة
يتركن لمساتهنّ على كلّ ما يلمس جسده
ويترك لهنّ متعة البحث عن رائحته
والاحتفاظ بها
***
ترتّب النساء كتبه وأوراقه وأقلامه
والهدايا التي قدّمته نساء أخريات
يبحثن بين الكلمات والحبر عن رغباته السريّة
يعبثن بالنقاط فوق الحروف
يتركن بصماتهنّ على أطراف الصفحات
يترك لهنّ متعة البحث عن صورته
والاحتفاظ بها
***
ترتّب النساء أكواب الشاي وفناجين القهوة
تمرّ أناملهنّ على الحواف التي التصقت بشفتيه
يعببن من الطعم العالق بها
يتركن أحمر الشفاه على كؤوس النبيذ
يترك لهن متعة البحث عن مذاقه
والاحتفاظ بها
***
تأتي النساء الغريبات إلى بيته
يسكنّ في الخزائن والأدراج
يقبعن بين الفراش وغطائه
وعند لقاء الورقة بالقلم
وفي التحام الزجاج بالنبيذ
يخرجن كلّ ليلة من مخابئهنّ
ويتجولّن في صمت
***
أمّا هي المقيمة
في انطفاء الشموع
وفي فراغ الزهريّات
وجمود التماثيل الصغيرة
فتراقبهنّ في عجز.

الثلاثاء، 18 يناير 2011

حبّك الفجر الأوّل

Lord Frederic Leighton

من يستطيع أن يصف الفجر الأوّل في تاريخ البشريّة؟
من يملك القدرة على تخيّل ذلك الفجر البهيّ الهادئ حين انفجر للمرّة الأولى ألوانًا ومشاعر ورغبات؟
من يمكنه أن يجد الكلمات التي تحكي ولو بالرمز عن لحظة انبثق فيها الضوء من رحم عتمة السماء
ليعلن ولادة ما سيصير اسمه الفجر؟
ذلك الفجر الذي حاول الكون التمسّك به لأطول فترة ممكنة خشية ألاّ يعود مجدداً
أو أن يكون مجرّد مشهد عابر في مسلسل التكوين
أو أن يمضي إلى حيث ينطفئ ويزول جماله الطفل النعس
ذلك الفجر الأجمل
حامل الدهشة البكر
المزيّن بالنور الفضوليّ
المغتسل بأولى حبيبات الندى
المتهادي على إيقاع تنفّس الحياة في صدر الأرض،
ذلك الفجر أليس هو حبّك؟
....
(التتمّة في مجموعة نصوص شعريّة تصدر قريبًا بعنوان: أحببتك فصرت الرسولة)

السبت، 15 يناير 2011

ثمار بطنها وثمار فكري


Pino Daeni 



ثمار بطنها أولاد يؤرجحون عمرك بين الأمل والملل
تعطيك إيّاهم الحياة
وهي تذكّرك في كلّ لحظة بأنّهم ليسوا منك ولك،
بل ودائع عندك يؤخذون منك
مهما اعترضت ورفضت
وثمار فكري كتب تحكي للأطفال حكايات
وتروي سير الرجال ليتعلّم منها الأولاد
أوزّعها للناس ولا أترك منها ولو نسخة واحدة عندي.

***
التتمّة في مجموعة نصوص شعريّة تصدر قريبًا بعنوان: أحببتك فصرت الرسولة)

الخميس، 6 يناير 2011

شيخوخة


Karolina Albrich- Poland




مؤلم
أن يتقدّم بك العمر دفعة واحدة،
أن تكتشف فجأة أنّك انتقلت من مراهَقة مشاغبة دافئة ثائرة حيويّة إلى شيخوخة مستكينة باردة مسالمة مريضة،
أن تنظر بواقعية جافّة إلى من كنت ترنو إليه بعينين حالمتين بريئتين،
أن تعرف أنّ ما كنت تنتظره لن يتحقّق،
أنّ من كنت تحبّه لا يستحقّ أن يُدعى لك حبيبًا،
أن تمرّ إلى جانب المشهد عابرًا محايدًا بعدما كنت تقتحمه برغبة والتزام،
أن تجفّ الدمعة في مقلتيك بعدما كنتَ تغتسل بشلاّلاتها حزنًا وغضبًا وتفاعلاً،
أن تبتسم في هزء أمام من كانت عيناك تضحكان له في فخر وإعجاب،
أن تلمس استغلال الآخرين لك بعدما ظننت أنّهم يستغلّون كلّ لحظة ليكونوا معك،
أن ترى في موت الآخرين احتمالات موتك، وفي أمراضهم سيناريوهات أوجاعك،
أن يتساوى عندك الغياب والحضور،
أن تتشابه أمامك وجوه الناس وكلماتهم،
أن تستعيد الذكريات لا لأنّها جميلة تنعش الروح بل لتتأكّد من سذاجتك،
أن تكفّ عن الحسد والغيرة لا لأنّك صرت قدّيسًا بل لأنّك تعب،
أن تنام بلا أحلام وأن تستيقظ بلا أهداف،
أن تفقد كلمات الإعجاب مصداقيّتها،
أن تتشابه الفصول، والأيّام، والملابس، والأخبار، والهدايا...
أن تنظر إلى المرآة فترى الخيبات التي نالت منك لا الوعود المنتظرة مواعيد تحقّقها،
أن تصير زيارة الطبيب قضيّة حياة أو موت،
أن تصغي لا أن تتكلّم،
أن تدخل في الصمت الأبله،
أن تكفّ عن الحديث عن نفسك،
أن تمتنع عن مراقبة الآخرين،
أن تنتظر كلّ يوم موت أحدهم كحدث لا بدّ منه،
أن يفاجئك العمر وأنت تظنّ أنّك ما زلت شابًا أو أنّ عمرك الحقيقيّ لا يبدو على وجهك وجسمك،
أن تكتشف أنّ الصداقات راحت ضحيّة المكان والزمان والمزاج،
أن تقول: "ما بقا من العمر أكتر ما مضى"،
أن ترفض المناصب الجديدة لأنّك لم تعد تثق بمحبّة من يعرضها عليك، أو لأنّك لا تثق بأنّك أهل لها،
أن تصلّي لأنّك خائف ووحيد،
أن ترى البقع الداكنة على يديك بعدما شغلك الآخر بالنظر إليه دون سواه،
...
مؤلم
أن يحصل كلّ ذلك دفعة واحدة،
وفي وقت كنت تؤمن بأنّك في بداية الطريق...

الأربعاء، 5 يناير 2011

الديانات بالألوان

زعيم روحيّ يضحك!!!
ألا يخشى أتباعه خسارة السماء؟
تناقض مع الألوان المحيطة؟؟؟اللون الأسود لليهود والمسيحيّين والمسلمين
حائط المبكى، الجمعة الحزينة، ذكرى عاشوراء:
ألا تغسل هذه الديانات إثم البشريّة إلاّ بالدمع؟

التهديد والوعيد، النار والجحيم، القتل والمجازر:

ألا تكتب هذه الديانات تاريخها إلاّ بالدم؟

العنف، الحرمان، التعذيب:

ألاّ تشبع هذه الديانات من اللون الأسود؟

لماذا يكون الأسود لون القبر الذي تنتهي إليه الحياة كما نعرفها

ولا يكون لون الرحم الذي تنمو فيه هذه الحياة؟

إذا كان المؤمنون أبناء النور فلماذا يرتدون اللون الأسود؟

مشاركة مميزة

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل - 5 تشرين الأوّل 1993

فتاة تدخل ومعها تفاصيل حين نهتمّ بها، حياتنا أجمل حضرة الأستاذ زاهي وهبي في الرّسالة الأولى، أردت أن ألفت انتباهك إلى بعض الأم...

من أنا

صورتي
الريحانيّة, بعبدا, Lebanon
صدر لي عن دار مختارات: لأنّك أحيانًا لا تكون (2004)، رسائل العبور (2005)، الموارنة مرّوا من هنا (2008)، نساء بلا أسماء (2008)- وعن دار سائر المشرق: كلّ الحقّ ع فرنسا (رواية -2011- نالت جائزة حنّا واكيم) - أحببتك فصرت الرسولة (شعر- 2012) - ترجمة رواية "قاديشا" لاسكندر نجّار عن الفرنسيّة (2012) - ترجمة رواية "جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة عن الفرنسيّة (2012) - رواية "للجبل عندنا خمسة فصول" (2014) - مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.